يشهد؟ فقال: إن أسامة كان أحب إلى رسول الله منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله من أبيك).
ولم يبايع علياً، ولا شهد معه شيئاً من حروبه؛ وقال له:(لو أدخلت يدك في فم تنين لأدخلت يدي معها، ولكنك قد سمعت ما قال لي رسول الله ﷺ حين قتلت ذلك الرجل الذي شهد أن لا إله إلاّ الله) وهو ما أخبرنا به أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بن علي بن السمين البغدادي، بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدّثني محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه عن جده أسامة بن زيد قال: أدركته، يعني، كافراً كان قتل في المسلمين في غزاة لهم، قال:(أدركته أنا ورجل من الأنصار، فلما شهرنا عليه السلاح قال: (أشهد أن لا إله إلاّ الله، فلم نبرح عنه حتى قتلناه، فلما قدمنا على رسول الله ﷺ أخبرناه خبره فقال: (يا أسامة، من لك بلا إله إلاّ الله؟) فقلت: يا رسول الله، إنما قالها تعوُّذاً من القتل، فقال:(من لك يا أسامة، بلا إله إلاّ الله) فوالذي بعثه بالحق ما زال يرددها عليّ حتى وددت أن ما مضى من إسلامي لم يكن، وأني أسلمت يومئذٍ، فقلت:(أعطي الله عهداً أن لا أقتل رجلاً يقول لا إله إلاّ الله).
وروى محمد بن إسحاق عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله قال:(رأيت أسامة ابن زيد يصلي عند قبر النبي ﷺ فدعي مروان إلى جنازة ليصلي عليها، فصلّى عليها ثم رجع، وأسامة يصلي عند باب بيت النبي ﷺ، فقال له مروان: إنما أردت أن يرى مكانك فعل الله بك وفَعَل، وقال قولاً قبيحاً، ثم أدبر، فانصرف أسامة وقال: يا مروان، إنك آذيتني، وإنك فاحش متفحِّش، وإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: (إن الله يبغض الفاحش المتفحِّش).
وكان أسامة أسود أفطس، وتوفي آخر أيام معاوية سنة ثمان أو تسع وخمسين، وقيل: توفي سنة أربع وخمسين، قال أبو عمر: وهو عندي أصح، وقيل: توفي بعد قتل عثمان بالجرف، وحمل إلى المدينة.
روى عنه أبو عثمان النهدي، وعبد الله بن عبد الله بن عتبة وغيرهما.