فاختار منهم ثلاثمائة رجل، واستعمل عليهم ابنه خالد بن يزيد، وضمّ إليه جهم بن زحر، وقال لابنه:
- «إن غلبت على الحياة، فلا تغلبنّ على الموت، وإيّاك أن أراك عندي منهزما.» وقال للناس:
- «إذا وصلتم إلى المدينة فانتظروا حتّى إذا كان فى السحر فكبّروا، ثمّ توجّهوا نحو باب المدينة فإنّكم تجدوني قد نهضت بجميع الناس إلى بابها.» فلمّا أشرف ابن زحر على المدينة أمهل حتّى إذا كانت الساعة التي أمره يزيد أن ينهض فيها، مشى بأصحابه، فأخذ لا يستقبل من أحراسهم أحدا [١] إلّا قتله.
وكبّر ففزع أهل المدينة فزعا لم يدخلهم مثله قطّ، لم يرعهم [٥٣٦] إلّا والمسلمون معهم فى مدينتهم يكبّرون. فدهشوا وأقبلوا لا يدرون أين يتوجّهون.
غير أنّ عصابة منهم أقبلوا نحو جهم بن زحر، فقاتلوا ساعة فدقّت يد جهم وصبر لهم هو وأصحابه، فلم يلبّثوهم إلّا قليلا حتّى قتلوهم.
يزيد بن المهلّب يدخل باب جرجان ويبرّ يمينه فى أهلها
وسمع يزيد بن المهلّب التكبير، فوثب فى الناس إلى الباب، فوجدهم قد شغلهم جهم بن زحر عن الباب، فلم يجد من يمنعه ولا يدفع عنه كبير دفع. ففتح الباب ودخلها من ساعته، فأخرج من كان فيها من المقاتلة، فنصب لهم الجوذع فرسخين عن يمين الطريق وعن يساره، فصلبهم أربعة فراسخ وسبى وأصاب ما كان فيها وقاد أربعين ألفا [٠٠٠، ٤٠] إلى اندر هرز وادي جرجان وقال:
- «من طلبهم بثأر فليقتل.»
[١] . أحدا: تكرّرت الكلمة فى الأصل، فحذفنا إحداهما.