ولأنتم والله أهل الصبر وفرسان أهل المصر، وما أحبّ أنّ أحدا ممن انهزم معكم.
لو كانوا فيكم ما زادوكم إلّا خبالا. عزمت على كلّ امرئ منكم لمّا أخذ عشرة أحجار معه، ثمّ امشوا بنا نحو معسكرهم، فإنهم الآن آمنون [١٧٤] وقد خرجت خيلهم فى طلب إخوانكم، فو الله إنّى لأرجو ألّا ترجع خيلهم حتّى تستبيحوا عسكرهم وتقتلوا أميرهم.» فقبلوا منه وفعلوا ما أمرهم به، ثمّ أقبل بهم زحفا، فلا والله ما شعرت الخوارج إلّا بالمهلّب يضاربهم فى جانب عسكرهم. ثمّ استقبلوا عبيد الله بن الماحوز وأصحابه وعليهم السلاح والدروع كاملا، فيأخذ الرجل من أصحاب المهلّب يستعرض وجه الرجل بالحجارة فيرميه حتّى يثخنه، ثمّ يطعنه برمحه، ويضاربه بسيفه، فلم يقاتلهم إلّا ساعة حتّى قتل عبيد الله بن الماحوز، وضرب الله وجوه أصحابه، وأخذ المهلّب عسكر القوم وما فيه، وقتل الأزارقة قتلا ذريعا، وأقبل من كان فى طلب أهل البصرة، منهم راجعا وقد وضع لهم المهلّب خيلا ورجالا فى الطريق تختطفهم وتقتلهم. فانكفئوا راجعين مفلولين مغلوبين، فارتفعوا إلى كرمان وجانب أصبهان. وأقام المهلّب بالأهواز، وانصرف الخوارج على تلك الحال من الفلول وقلّة العدد حتّى جاءتهم [١٧٥] مادّة لهم من قبل البحرين، فخرجوا نحو كرمان وإصبهان، وأقام المهلّب، فلم يزل ذلك مكانه حتّى جاء مصعب إلى البصرة، وعزل الحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة عنها، وكتب المهلّب بالفتح كتابا بليغا.
[احتيال المختار وهو فى المحبس]
وفى هذه المدة التي جرى ما حكيناه، كان المختار يحتال من محبسه ويراسل الشيعة، حتّى اجتمعوا له، فراسله وجوههم مثل رفاعة بن شدّاد، والمثنى