وانصرف الناس من دار السلطان يوم السبت ولمّا كان من غد وهو يوم الأحد جلس القاهر بالله وحضر الوزير أبو علىّ ابن مقلة ووصل إليه وأمره بالجلوس بين يديه وسكن النهب وكتب أبو علىّ ابن مقلة بخبر تقليد القاهر بالله الخلافة كتابا أنشأه إلى الولاة فى النواحي. وأمر نازوك الرجّالة المصافيّة بقلع خيمهم من دار السلطان وأقام رجّالته مكانهم فاضطربوا من ذلك ثمّ تقدّم إلى خلفاء الحجّاب والبوّابين ألّا يدخل الدار إلّا من كانت له مرتبة فاضطربت [١] الحجريّة من ذلك وتكلّموا وصار ذلك سببا لردّ المقتدر إلى الخلافة.
ذكر السبب فى ردّ المقتدر إلى الخلافة
فلمّا كان يوم الإثنين السابع عشر من المحرّم بكرّ الناس إلى دار السلطان لأنّه يوم موكب ودولة جديدة، فامتلأت الدهاليز والممرّات والرحاب وشاطئ دجلة [٣٢١] منهم وحضر الرجّالة المصافيّة بالسلاح يطالبون بالبيعة ورزق سنة ولم ينحدر مونس إلى دار السلطان ذلك اليوم وأقام فى منزله.
وارتفعت زعقات الرجّالة وسمعها نازوك وأشفق أن يجرى بين أصحابه وبينهم قتال، فتقدّم إلى غلمانه وأصحابه ألّا يعرضوا لهم. وزاد شغب الرجّالة وهجموا يريدون الصحن التسعينى فلم يمنعهم أحد لما كان نازوك تقدّم به إلى أصحابه ودخل منهم من كان على الشطّ من الروشن بالسلاح المشهور وقربت زعقاتهم من مجلس القاهر بالله وكان جالسا فى رواق التسعينى وبين يديه أبو علىّ ابن مقلة ونازوك وأبو الهيجاء، فوجّه نازوك ليخاطبهم وكان نازوك مخمورا كالسكران قد شرب طول ليلته، فلمّا برز إلى الروشن ونظر