فالغدر به بعد بذل الأطماع فى العفو قبيح إن كان ما ذكر فى هذه القصة صحيحا.
قتل القطّاع بالحلاوات المسمومة
ومن بعض توصله ما وجدنا فى عين التاريخ وهو أنّ عضد الدولة أنفذ أحمالا من الأمتعة الى مكة مع تجار أو حاج. فلمّا انتهوا الى بعض الطريق عند بعض أحياء العرب خرج عليهم قوم منهم فقطعوا عليهم فقال المأخوذ:
- «هذه الأحمال لعضد الدولة الملك.» فسبّوه عند ذكره وعاد المأخوذ الى حضرة عضد الدولة وحكى ذلك.
فتقدّم بعمل شيء كثير من الحلاوات المسمومة وأعاد المأخوذين وأصحبهم أمتعة وجعل تلك الحلاوة المسمومة فى جملتها وقال:
- «تعمدوا لقاء القوم فإذا وقعوا [٨٧] عليكم فقولوا: إنّ هذه الامتعة والحلاوات أنفذها عضد الدولة لفقراء مكة. فإذا أخذوا الأحمال فعودوا لوقتكم.
ففعلوا ذلك وصادفوا القوم فأخذوا ما صحبهم وأكلوا من تلك الحلاوات فهلكوا. [١] فإن كان هذا الخبر صحيحا فإنّه كيد يأباه كلّ ذى دين ويأنف منه كل سلطان مكين. فذو الدين يراه من أعظم الآثام وذو السلطان يراه عجزا وضعفا فى الانتقام.
وفيه تغرير نفوس من لا ذنب له. فهل كان يأمن أن يأكل من ذلك النساء والولدان ومن عسى أن ينزل بالحىّ من ضيف بريء الساحة؟ قال الله تعالى:
[١] . وردت هذه الحكاية فى كتاب الأذكياء ص ٤١ رواية عن تاريخ محمد بن عبد الملك الهمذاني (مد) .