- «لا أحكّمكم فى نفسي أبدا.» فضارب بسيفه حتّى قتل.
[ذكر رأى المختار فى تلك الحال وكان صوابا]
كان المختار قال لأصحابه حين أتوا أن يبايعوا على الخروج:
- «إذا أنا خرجت فقتلت لم تزدادوا إلّا ضعفا وذلّا، فإن نزلتم على حكمهم وثب أعداؤكم الذين وترتموهم. يقول كلّ رجل منهم لبعضكم: هذا عنده ثأرى، فيقتل وينظر بعضكم إلى بعض فيرى مصرعه ومصرع أحبّته، فيقولون: يا ليتنا كنّا [١] أطعنا المختار وعملنا برأيه، ولو أنكم خرجتم معى، كنتم إن أخطأتم الظفر، متّم كراما، وإن هرب منكم هارب فدخل فى عشيرته اشتملت عليه عشيرته، أنتم غدا أذلّ من على [٢٦٣] ظهر الأرض.» فكان الأمر على ما قال.
ولما كان من الغد، قال لهم بجير بن عبد الله:
- «يا قوم، قد كان صاحبكم أمس أشار عليكم بالرأى لو أطعتموه، يا قوم، إنكم إن نزلتم على حكم القوم ذبحتم كما تذبح الغنم، اخرجوا بأسيافكم حتّى تموتوا كراما إن قتلتم.» فقالوا:
- «قد أمرنا بهذا من كان أطوع عندنا وأنصح لنا منك فعصيناه، أفنحن نطيعك؟» فأمكنوا القوم من أنفسهم ونزلوا على الحكم. فبعث إليهم مصعب عبّاد بن الحصين، فكان يخرج بهم مكتّفين، فأدركتهم الندامة حينئذ، فقتلوا من عند
[١] . فى الأصل: يا ليتنا إنّا كنّا. فحذفنا «إنّا» لأنها زائدة.