قد ذكرنا ما كان من غلمانه الأتراك فى خروجهم من داره وأخذهم دوابّه وهربهم منه وأنه تبعهم وظفر بهم وقتل وقطع أحد عشر غلاما منهم وأعاد الباقين إلى خدمته وهم على خوف منه وإشفاق من عظم هيبته وسوء [٥٤] معاملته. فقيل: إنّ أحدهم راعى الفرصة منه وذبحه فى الليلة المذكورة وهو سكران وهرب. وقد قيل: إنّ أحد فراشيه فعل ذلك به، إلّا أنّ الغلام أثبت.
وقد كان المقلد راسل جماعة كثيرة من وجوه الأولياء ببغداد واستمالهم ووعدهم وأطمعهم وحدث نفسه بدخول الحضرة والاستيلاء على المملكة وأصّل فى ذلك أصولا كاد غرضه بها يتم. فاتفق من أمر الله تعالى جل وعزّ مالا يغالب فيه.
[ذكر ما جرى عليه الأمر بعد قتله على ما حدثني به ابو الفتح عيسى بن إبراهيم]
قال لما قتل المقلد لم يكن قرواش حاضرا بالأنبار وهو الأكبر من أولاده وكانت خزائنه بها وعساكره بسقى الفرات. وخاف أبو الحسين عبد الله بن ابراهيم بن شهرويه بادرة الجند ونهبهم. فراسل أبا منصور قراد بن اللديد وكان قريبا منه بالسندية واستدعاه اليه وقال له:
- «أنا اجعل قرواش ولدا لك وأزوّجه ببعض بناتك وأقرر معه مقاسمتك على ما خلفه أبوه فى خزائنه وتكون عونا له على الحسن عمّه. فانه ربما طمع فى الاستيلاء على الأمر بعد المقلد. فأنفذ الرسل إلى قرواش يحثّه على المبادرة واللحاق. وصار قراد إلى الأنبار ونزل فى دار الإمارة بها وحرس الخزائن وحسم الأطماع وحضر قرواش بعد أيام واجتمعا وتقاسما على المال