للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «هذا فتى حدث لم تطل ممارسته للحروب [٥٢٠] فالرأى أن نرميه بحدّنا كلّه، فإنّه سيرتاع ويكون سببا لانصرافه عنّا أو أسره.» ففعلوا ذلك وحشدوا فكاد يتمّ لهم ما دبّروه، ثمّ كانت الدبرة عليهم.

ودخل أبو العباس واسطا من غد يوم الوقعة فى أحسن زىّ واستأمن إليه قوم ثمّ انحدر إلى العمر وهو على فرسخ من واسط فقدّم فيه عسكره وكان الناس أشاروا عليه أن يعسكر فوق واسط فأبى ونزل العمر ثمّ أخذ فى بناء الشذاءات وآلات الماء وجعل يراوح القوم القتال ويغاديهم.

ثمّ إن سليمان استعدّ له مرة أخرى وحشد فلقيهم أبو العباس فهزمهم وقتل وأسر. ثمّ أتاه مخبر فأخبره أنّ الزنج قد اجتمعوا واستعدّوا لكبس عسكره من ثلاثة أوجه، وأنّهم قالوا فيما بينهم:

«إنّه حدث غرّ قد خاطر وغرّر بنفسه فاتفق له ولا يتمّ له ذلك أبدا.» فلمّا علم بتدبيرهم حذر وكانوا كمنوا له عشرة آلاف فى موضعين وأطمعوه فى أنفسهم فمنع [١] أبو العباس من اتباعهمم. فلمّا علموا أنّ كيدهم لم ينفذ اجتمعوا له وكاثروه فهزمهم وأفلت سليمان راجلا ومضى جيشهم لا يلوى أحد على أحد. ورجع أبو العباس إلى مكانه بالعمر ثمّ إنّ الجبّائى كان يجيئه فى الطلائع فى كلّ ثلاثة أيّام.

ذكر حيلة للجبّائى ما تمّت له

أمر الجبائي بحفر آبار وصيّر فيها سفافيد [٢] حديد وغشّاها بالبواري وواراها بالتراب وأخفى مواضعها وجعلها على سنن مسير الخيل ليتهوّر فيها المجتازون وكان يوافى متعرّضا ويهيج الناس. فجاء يوما فطلبته الخيل فتقطّر


[١] . ما فى الأصل مطموس، وما أثبتناه من مط.
[٢] . السفّود: حديدة يشوى عليها اللحم.

<<  <  ج: ص:  >  >>