فحملت ميسرة بكر- وعليها حنظلة- على ميمنة الجيش، وقد قتل الهامرز رئيسهم، قتله برد، وحملت ميمنة بكر- وعليها يزيد بن مسهر- على ميسرة الجيش، وعليهم الجلابزين، وخرج الكمين من خبء ذى قار من ورائهم [وعليهم][١] يزيد بن حمار، فشدّوا على قلب الجيش، وفيهم إياس بن قبيصة وولّت إياد منهزمة كما وعدتهم. وانهزمت الفرس واتّبعوهم يسعون، لم ينظروا إلى سلب ولا إلى شيء حتّى تعارفوا «بأدم» - موضع قريب من ذى قار- فوجد ثلاثون فارسا، من عجل ومن سائر بكر ستون فارسا وقتلوا جلابزين، قتله حنظلة بن ثعلبة، وذلّت الفرس بعد ذلك، وذلّ أمرهم.
[ذكر حيلة لأبرويز على ملك الروم]
كان أبرويز وجّه رجلا من جلّة أصحابه في جيش جرّار إلى بلاد الروم [٢٥٨] فنكا فيهم، وبلغ منهم، وفتح الشامات وبلغ الدرب في آثارهم فعظم أمره وخافه أبرويز. فكاتبه بكتابين أمره في أحدهما أن يستخلف على جيشه من يثق به ويقبل إليه، ويأمره في الآخر أن يقيم بموضعه، فإنّه لما تدبّر أمره وأجال الرأى، لم يجد من يسدّ مسدّه، ولم يأمن الخلل، إن غاب عن موضعه، وأرسل بالكتابين رسولا من ثقاته وقال له:
- «أوصل الكتاب الأول بالأمر بالقدوم، فإن خفّ لذلك فهو ما أردت، وإن كره وتثاقل عن الطاعة، فاسكت عليه أيّاما، ثمّ أعلمه أنّ الكتاب الثاني ورد عليك، وأوصله إليه ليقيم بموضعه.» فخرج رسول كسرى حتى ورد على صاحب الجيش ببلاد الشام، فأوصل الكتاب إليه، فلمّا قرأه قال:
[١] . في الأصل ومط: «من ورائهم الجلابزين» فحذفنا «الجلابزين» وأثبتنا مكانها «وعليهم» كما في الطبري.