فقال بعض من شهد ليلة قصر الباهلي: كنّا فى القصر. فلمّا التقوا ظننّا أنّ القيامة قامت لهول ما سمعنا من هماهم القوم ووقع الحديد.
[غزو سعيد الترك]
وفى هذه السنة قطع سعيد خدينة نهر بلخ، وغزا الترك، وكانوا قد نقضوا العهد وأعانوا الترك. وذلك بعد ما كلّم الناس سعيدا مرارا وقالوا له:
- «تركت الغزو. فقد كثر الترك، وكفر أهل السغد.» فلمّا عبر سعيد وقصد السغد لقيه الترك وطائفة من السغد. فهزمهم المسلمون.
وقال سعيد:
- «لا تتبعوهم، فإنّ السغد بستان أمير المؤمنين.» فلمّا كان الغد خرجت مسلحة المسلمين- والمسلحة يومئذ من تميم- فما شعروا إلّا بالترك معهم خرجوا عليهم من غيضة، وعلى خيل بنى تميم شعبة بن ظهير، فقتل شعبة. وذاك أنّه أعجل عن الركوب، فقاتلهم راجلا إلى أن قتل، وقتل نحو من خمسين رجلا، وانهزم المسلحة وأتى الناس الصريخ [١] .
فقال عبد الرحمان بن المهلّب العدوىّ: كنت أوّل من أتاهم لمّا أتانا الخبر وتحتي فرس جواد، فإذا عبد الله بن زهير إلى جنب شجرة [٥٨٧] كأنّه قنفذ من النشّاب وقد قتل. ثمّ لحق الناس وحملوا على العدوّ حتّى كفّوهم. وجاء الأمير والجماعة، فانهزم العدوّ.
[ذكر كلمة صارت سبب حتف]
كان سعيد عبر النهر مرّتين، فلم يجاوز سمرقند. وكنّا حكينا أنّه لمّا هزم
[١] . الصريخ: كذا فى الأصل ومط. وما فى الطبري (٩: ١٤٢٩) : الصريح (بالحاء المهملة) .