طاهر مغذّا لا يلوى على شيء حتّى ورد الرىّ، فنزلها ووكّل بأطرافه ووضع مسالحه وبثّ عيونه وطلائعه.
[ودخلت سنة خمس وتسعين ومائة]
[مبادرات من الأمين والمأمون]
وفيها عقد الأمين لابنه موسى على جميع ما استخلف عليه، وجعل صاحب أمره علىّ بن عيسى بن ماهان، وأسقط ما كان ضرب باسم أخيه المأمون بخراسان من الدنانير والدراهم فى سنة أربع وتسعين، لأنّ المأمون أمر ألّا يثبت فيها [٤٨] اسم محمد، ونهى محمد عن الدعاء على المنابر كلّها فى عمله للمأمون والقاسم، وأمر بالدعاء له، ثمّ من بعده لابنه موسى، وابنه موسى يومئذ طفل صغير وسمّاه: الناطق بالحقّ. وجميع ما فعل من ذلك كان عن رأى الفضل بن الربيع وبكر بن المعتمر. وبلغ المأمون ذلك، فتسمّى بإمام المؤمنين، وكوتب بذلك.
وعقد محمد الأمين لعلىّ بن عيسى بن ماهان على كور الجبل كلّها:
نهاوند وهمذان وقم وإصبهان، حربها وخراجها، وضمّ إليه جماعة من القوّاد، وأمر لهم بمائتي ألف دينار، ولولده بخمسين ألف دينار، وأعطاه للجند مالا عظيما، وأمر له من السيوف المحلّاة، بألفي سيف وسبعة ألف ثوب للخلع، وأحضر محمد أهل بيته ومواليه وقوّاده المقصورة بالشمّاسيّة، وصلّى الجمعة ودخل وأجلس ابنه موسى فى المحراب ومعه الفضل بن الربيع وجميع من أحضر، فقرئ على جماعتهم كتاب من محمد يعلمهم رأيه فيه، وحقّه عليهم وما سبق له من البيعة مفردا، وما أحدث عبد الله من التسمّى بالإمامة، والدعاء إلى نفسه، وقطع البريد، وقطع ذكره من دور الضرب والطرز، [٤٩] وأنّ ذلك ليس له، وحثّهم على الطاعة والتمسّك ببيعته.