بقتل ملك الروم قوما من أهل طرسوس والمصّيصة وكانوا نحو ألفى رجل، فشخص المأمون حتّى دخل بلاد الروم. فما نزل على حصن إلّا خرج إليه أهله على صلح حتّى افتتح ثلاثين حصنا، ثمّ أغار على طوانة وسبى وقتل وأحرق. ثمّ ارتحل إلى دمشق.
[ودخلت سنة سبع عشرة ومائتين]
وعاد المأمون إلى أرض الروم. وكان سبب ذلك كتاب ورد عليه من ملك الروم يسأله الموادعة، وبدأ فيه بنفسه. فغزا المأمون هذه الغزوة بحنق، وأنزل ابنه بطوانه من أرض الروم، ووجّه معه الفعلة وابتدأ بها فى بناء عظيم وجعل سورها على ثلاثة فراسخ وجعل لها أربعة أبواب وبنى على كلّ باب حصنا، وكتب إلى أخيه أبى إسحاق أن يفرض على جند دمشق وما والاها أربعة آلاف رجل وأنّه يجرى [١٨٩] على الفارس مائة درهم وعلى الراجل أربعين درهما وفرض على مصر وغيرها من البلدان.
وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم وهو خليفته ببغداد، ففرض على أهل بغداد فرضا.
[المأمون يختبر الآراء فى التشبيه وخلق القرآن]
وفى هذه السنة كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم فى امتحان القضاة والمحدثين والفقهاء، فمن لم يقبل منهم بنفي التشبيه وبخلق القرآن يشخصهم إليه مقيّدين.
وكتب فى ذلك كتابا بليغا فيه آيات منتزعة من القرآن وتهديد كثير مع رفق فى مواقع، وطعن على أصحاب الحديث الذين لا يتفقّهون ولا يعقلون، فأشخص إليه جماعة فيهم محمد بن سعد كاتب الواقدي ومستملى يزيد بن