- «ما أرى ذلك.» قال: «ولم؟» قال: «لأنّ هذا لا يخفى، ولا آمن إذا علم الجند أن يتعلّقوا بمحمله ويقولوا لا نخلّيه حتّى نعطى لثلاث سنين ويتحكّموا ويشتطّوا، ولكن أرى أن يوارى [١] ، رضى الله عنه، هاهنا ويوجّه نصير إلى أمير المؤمنين الهادي [٥١٥] بالخاتم والقضيب والتهنئة والتعزية، فإنّ البريد إلى نصير، فلا ينكر خروجه أحد إذا كان على بريد الناحية، وأن تأمر لمن معك من الجند بجوائز مائتين مائتين وتنادى فيهم بالقفول، فإنّهم إذا قبضوا الدراهم لم يكن لهم همّة سوى أهاليهم وأوطانهم ولا عرجة على شيء دون بغداد.» قال: ففعل ذلك. وصاح الجند لمّا قبضوا الدراهم:
- «بغداذ، بغداذ.» ينادون إليها ويبعثون على الخروج من ماسبذان. فلمّا وافوا بغداد وعلموا خبر الخليفة، صاروا إلى باب الربيع فأحرقوه، وطالبوا بالأرزاق وضجّوا.
[قدوم هارون بغداد]
وقدم هارون بغداذ. فبعثت الخيزران إلى الربيع وإلى يحيى بن خالد تشاورهما فى ذلك، فأمّا الربيع، فدخل عليها، وأمّا يحيى فلم يفعل ذلك لعلمه بشدّة غيرة موسى.
قال: وجمعت الأموال حتّى أعطى الجند لسنتين فسكنوا. وبلغ الخبر الهادي، فكتب إلى الربيع كتابا يتوعّده فيه، وكتب إلى يحيى يجزّيه الخير ويأمره أن يقوم من أمر هارون بما لم يزل يقوم به وأن يتولّى أموره وأعماله