ذكر ما جناه أبو الفتح ابن العميد على نفسه وميله الى الهوى واللعب حتى تأدى أمره إلى الهلاك
لما خرج عضد الدولة إلى فارس طابت بغداد لأبى الفتح ابن العميد وأحب الخلاعة والدخول مع بختيار فى أفانين لهوه ولعبه ووجد خلوّ [١] ذرع من أشغاله وراحة من تدبير أمر صاحبه ركن الدولة مدة وحصلت له زبازب ودور على الشط وستّارات غناء محسنات وتمكن من اللذات.
وعرف بختيار له ما صنع من الجميل فى بابه وأنّه خلصه من مخاليب السبع بعد أن افترسه وأن سعيه بين ركن الدولة وبينه هو الذي ردّ عليه روحه وملكه فبسطه وعرض عليه وزارته وتمكينه من ممالكه على رسمه وألّا يعارضه فى شيء يدبره ويراه فلم يجبه إلى ذلك وقال:
- «لى والدة وأهل وولد ونعمة قد ربّيت منذ خمسين سنة وهي كلها فى يد ركن الدولة ولا أستطيع مفارقته ولا يحسن بى أن يتحدث عنى بمخالفته ولا يتم أيضا لك ذلك مع ما عاملك به من الجميل ولكنى [٤٤٧] أعاهدك إذا قضى الله على ركن الدولة ما هو قاض على جميع خلقه أن أصير إليك مع قطعة عظيمة من عسكره فإنّهم لا يخالفوننى وركن الدولة مع ذلك هامة اليوم أوغد وليس يتأخر أمره.» واستقر بينهما ذلك سرا لا يطّلع عليه إلّا محمد بن عمر العلوي فإنّه توسط بينهما وأخذ عهد كل واحد منهما على صاحبه ولم يظهر ذلك لأحد حتى حدثني به محمد بن عمر بعد هلاك أبى الفتح ابن العميد.
ولكن الغلط القبيح من أبى الفتح كان أنّه أقام مدة طويلة ببغداد وطمع فى