يديه أو من ورائه. فبصر به أحمر مولى أبى سفيان أو عثمان، فعرفه.
فقال علىّ:«وربّ الكعبة، قتلني الله إن لم أقتلك أو تقتلني.»
كلام بين علىّ والحسن أثناء القتال
فأقبل نحوه، وخرج إليه كيسان مولى علىّ، فاختلفا ضربتين، فقتله مولى بنى أمية، وينتهزه علىّ، فتقع يده في جيب درعه، فجبذه، ثم حمله على عاتقه. فكأنى أنظر إلى رجليه تختلفان على عنق علىّ، ثم ضرب [٥٨٦] به الأرض، فكسر منكبه وعضده، وشدّ ابنا علىّ: الحسين ومحمد عليه، فضرباه بأسيافهما، حتى إذا قتلاه، أقبلا إلى أبيهما والحسن قائم معه.
قال له:«يا بنىّ، ما منعك أن تفعل كما يفعل أخواك؟» فقال: «كفيانى يا أمير المؤمنين!» ثم إن أهل الشام دنوا منه، فوالله ما يزيده قربهم منه سرعة في مشيه.
فقال له الحسن:«ما ضرّك لو سعيت حتى تنتهي إلى هؤلاء الذين قد صبروا لعدوّك من أصحابك؟» فقال: «يا بنىّ، إنّ لأبيك يوما لا يعدوه، ولا يبطئ به السعى، ولا يعجل به اليه المشي، وإنّ أباك لا يبالى: وقع على الموت، أو وقع عليه الموت [١] .»
مالك يحضّ المنهزمين على الصمود
ولما أقبل علىّ نحو الميسرة، مرّ به الأشتر يركض نحو الفزع قبل الميمنة.
فقال له علىّ:«يا مال!» قال: «لبيك يا أمير المؤمنين!» قال: «ائت هؤلاء، فقل لهم: أين فراركم من الموت الذي لا تعجزونه، إلى
[١] . في الطبري (٦: ٣٢٨٤) : «أو وقع الموت عليه» . والعبارة ساقطة من مط.