كان ورد مونس من الغزو بعد أن ظفر بالروم ظفرا حسنا، فتلقّاه المحسّن ونصر الحاجب وشفيع ومفلح وسائر القوّاد ولقى المقتدر بالله، فتحدّث الناس أنّ مونسا أنكر ما جرى على الكتّاب والعمّال من المكروه العظيم من ابن الفرات والمحسّن وما ظهر من وفاة حامد بن العبّاس، وأنّ أكثر الفرسان التفاريق بالحضرة قد عملوا على الانضمام إلى عسكر مونس المظفّر لتروج أرزاقهم.
فغلظ ذلك على ابن الفرات وصار إلى المقتدر بالله بعد أسبوع من قدوم مونس المظفّر فخلا به وأعلمه ما عمل مونس عليه من ضمّ الرجال إليه، وأنّه إن تمّ له ذلك صار أمير الأمراء وتغلّب على أمر المملكة ولا سيّما والقوّاد [٢٠٥] والغلمان منقادون له. وعظّم عليه الأمر وأغراه به إغراء شديدا.
فلمّا ركب مونس المظفّر إلى دار المقتدر بالله، قال له المقتدر بحضرة ابن الفرات:
- «ما شيء أحبّ إلىّ من مقامك، لأنّى أجمع إلى الأنس بك والتبرّك برأيك الانتفاع بحضورك فى أمر الحضرة كلّه، ولكن أرزاق الفرسان برسم التفاريق عظيمة، وما يتهيّأ أن تطلق أرزاقهم على الإدرار ولا النصف من استحقاقهم وليس يطيعون فى الخروج إلى نواحي مصر والشام، لأنّهم يحتجّون بقصور أحوالهم عن ذلك. وقد علمت أنّ الرىّ وأبهر وزنجان متعلّقة بأخي صعلوك وكذلك أرمينية وأذربيجان بيوسف بن أبى الساج، وإن أقمت ببغداد التمس الرجال الانضمام إليك، فإن لم أجبهم شغبوا وأفتنوا البلد، وإن