- «أما بعد، أيها الناس، فإنّه قد أصابكم من الجهد ما ترون. فو الله، إن بقي إلّا أن يموت أحدكم على فراشه، فيحيى أخوه فيدفنه إن استطاع. وبالحرىّ أن يضعف عن ذلك، ثمّ يموت هو، فلا يجد من يدفنه ولا يصلّى عليه، فاتقوا الله، فو الله ما أنتم بالقليل الذي تهون شوكتهم، وإنّ فيكم لفرسان أهل المصر وإنكم لصلحاء من أنتم منه. اخرجوا بنا إلى هؤلاء القوم، وبنا حياة وقوّة، قبل أن لا يستطيع رجل أن يمتنع من امرأة لو جاءته. فقاتل رجل عن نفسه وصبر وصدق، فو الله إنّى لأرجو، إن صدقتموهم، أن يظفركم الله بهم.» فناداه الناس من كلّ جانب:
- «وفّقت وأصبت، اخرج بنا إليهم.» فجمع إليه الناس من الليل، وأمر لهم بعشاء كثير، فتعشّى الناس عنده. [٢٧٨] ثمّ إنه خرج بهم حتّى أصبح على راياتهم، فصبّحهم فى عسكرهم، وهم آمنون أن يؤتوا فى عسكرهم، فأخلوا لهم حتّى انتهوا إلى الزبير بن الماحوز، فقاتل فى عصابة نزلوا معه حتّى قتل.
وانحازت الأزارقة إلى قطرىّ، فبايعوه، فمشوا إلى قطرىّ مصلتين للسيوف، فارتحلوا منهزمين، فكان آخر العهد بهم.
ذكر رأى رءاه الأحنف للخوارج وهو يعدّ من سقطاته
يقال: إنّ الخوارج دسّوا إلى الأحنف من جلس إليه، وذاكره بهم، فقال:
- «إنّ هؤلاء إن ركبوا بنات سحّاج، وقادوا بنات صهّال، ونزلوا اليوم أرضا وغدا أخرى، فبالحرىّ أن يبقوا.» فلما بلغ ذلك قطريّا، ذهب وخلّاهم، ومضى نحو كرمان، فأقام بها حتّى اجتمعت إليه جموع كثيرة، وأكل الأرض، واجتبى المال، وقوى، ثمّ أقبل حتّى