لم يرد في المصادر القديمة التي وصلت إلينا حتى اليوم، ذكر بالتفصيل عن حياة مسكويه يجيب على الكثير من الأسئلة المطروحة أمام دارسيه. وكلّ ما لدينا هو نصوص مبعثرة في هذا المصدر أو ذاك، تناقلها أصحاب التراجم ومؤرّخو الحكمة، وهي نزر قليل للغاية. ومن حسن الحظّ أن نرى حكيما من كبار الحكماء المعاصرين لمسكويه، ممّن يعرف مسكويه عن كثب ويقدّر القيم التي تنطوى عليها شخصيّته، نراه ولم يقنعه ما كتبه عن مسكويه في كتابه والذي ليس إلّا بقدر ما كتبه حول الحكماء الآخرين بالاختصار والتلخيص، بل يعدنا فيه أنّه سيخصّص رسالة بمسكويه يعالج فيها مزيدا من تفاصيل حياته. وهذا الحكيم هو أبو سليمان المنطقي السجستانىّ الذي يعدّ بدوره من أعظم الحكماء في تلك الحقبة. ثم نرى- وهذا من سوء الحظّ- أنّ ما وعده أبو سليمان لم يصل إلينا، سواء كان لم يوفّق في إنجاز ما وعد، أو لأنّه أنجزه، ولكنّ صروف الدهر هي التي حرمتنا هذه الوثيقة القيّمة التي كان من شأنها أن تغنينا ممّا هو مبعثر هنا وهناك، وليس إلّا تردادا لقليل من الكثير اللازم في التعرّف على حياة مسكويه. أمّا ما وعده أبو سليمان، فهو ما قاله في كتابه صوان الحكمة:
« ... أمّا ما سمعته من مجاري حياته، وشاهدته من سيره الحسنة، وأخلاقه الطاهرة، فسأفرد فيه رسالة أقصرها على ذلك، إذ ليس يحتمل هذا الموضع