للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مما حدث في خلافة أبى بكر]

[ومن صرامة الرأى وحصافته ما كان من أبى بكر رضى الله عنه]

وذلك أنّه لمّا مات النبي- صلى الله عليه- ارتدّت العرب واضطرمت الأرض واشتغل الناس بالمرتدّين وتروخى [١] عن مسيلمة وطليحة. فاستغلظ أمرهما وارتدّت من كل قبيلة عامّة وخاصّة إلّا قريشا وثقيفا. فتشدّد أبو بكر وكان فيه لين، إلّا أنّه حزم وحصف وخالف الناس، وكانوا أشاروا عليه بالمقاومة. وذلك أنّ أسامة بن زيد كان غائبا بالجيش الذي جهّزه رسول الله- عليه السلام- معه إلى حيث قتل فيه أبوه زيد، وكان أهل المدينة في قلّة، وكان طليحة قد قوى بأسد وغطفان وطيّء. فبعثوا وفودا إلى أبى بكر- رضى الله عنه- من كلّ قبيلة، ونزلوا على وجوه الناس على أن يقيموا الصلاة ولا يؤتوا الزكاة، فجرّد أبو بكر العزيمة وقال:

- «لو منعونى عقالا لجاهدتهم عليه.» [٢] فرجعوا فأخبروا عشائرهم [٢٩٤] بقلّة من [٣] أهل المدينة وأطمعوهم فيها.

فكان من حصافة أبى بكر أن جعل على أنقاب المدينة بعد خروج الوفد عليّا


[١] . في الطبري: وتوحّى مسيلمة وطليحة (٤: ١٨٧١) . وتوحّى: أسرع.
[٢] . ويضيف الطبري هنا: وكان عقل الصدقة على أهل الصدقة مع الصدقة (٤: ١٨٧٢) .
[٣] . مط: بدون «من» .

<<  <  ج: ص:  >  >>