- «يقول لك الموفق بأى شيء ترى إن أدبر أمرى؟» قال: قل له:
- «قد كنت أشرت عليك بآراء خالفتها فلم تحمد عقبى خلافها، وأنا أعرف بأخلاق بهاء الدولة منك. [٩٣] والصواب الآن أن تنفذ جميع ما حصل عندك من الدواب والبغال التي قادهما الأولياء إليك وتراسل الملك وتقول له:
من كان مثلي على الحال التي أنا معتقدها من اعتزال الأموال والرغبة عن العمل، فلا حاجة به إلى دوابّ وبغال. وقد قدت ما قاده الأولياء إلىّ إلى الاصطبل. لأنه أولى به ومتى أردت مركبا أركبه استدعيت منه ما أريده فى وقت الحاجة إليه وإنّ من شروط ما اعتزمته أيضا ان أقلّ الاجتماع مع الناس وانفرد بنفسي والدعاء للملك وأسال أن يختار أحد ثقات الستريين ويرتّب على بابى لردّ من يقصدني ومنع من يحاول الدخول إلىّ. فإنّه إذا رأى مثل هذا الفعل وسمع عنك مثل هذا القول سكن وأنس وأمكنك وأمكننا ان نتلطف لك من بعد فى اخراجك الى منزلك ببغداد او الاستئذان لك فى قصد بعض المشاهد وتملك حينئذ نفسك فتصرفها على اختيارك.» قال أبو نصر: فلما سمعت من أبى الخطاب هذه المشورة علمت أنها صادرة عن النية الصحيحة وعدت إلى الموفق فأخبرته بما كان. فكان من جوابه: أبو الخطاب يريد أن يردني إلى الحبس ردا جميلا. ولم يقبل هذا الرأى ولا دخل له قلبا ولا خالط فكرا. وأقام الدواب بين يديه الى المراود والكرداخورات يسمنها ويضمرها وفتح بابه وقعد فى ثلثة مخادّ بين اثنتين منها سيف والى جانبه ترس وزوبينات وعليه قميص صوف وكان يدخل إليه