للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «إذا انصرفت الساعة تدرى على من طريقك» - يعنى العسكر الذي وثب على بخاراخذاه من ورائه.

ثمّ قال الأفشين لأبى سعيد فى وجه جعفر:

- «أحسن الله جزاءك عن نفسك وعن أمير المؤمنين. ليس كلّ من خفّ رأسه فيقول، يفي بما يقول. [١] إنّ الوقوف فى الموضع الذي نحتاج إليه خير من المحاربة فى الموضع الذي لا نحتاج إليه. لو وثب هؤلاء الذين تحتك- وأشار إلى الكمين- كنت تدرى هؤلاء المطوّعة الذين هم فى القمص [٢٢٧] أىّ شيء كان يكون حالهم، فالحمد لله الذي سلّمهم، قف ها هنا فلا تبرح حتّى لا يبقى هاهنا أحد.» وانصرف الأفشين وكان من سنّته أن ينصرف على تعبئة كردوس بعد كردوس ويكون آخرهم. وأقام الأفشين فى خندقه بروذ الروذ أيّاما. فشكا إليه المطوّعة الضيق فى العلوفة والزاد، فقال لهم:

- «من صبر فليصبر ومن لم يصبر فالطريق واسع فلينصرف بسلام، فإنّ معى من جند أمير المؤمنين ومن هو فى أرزاقه من يقيم معى فى الحرّ والبرد، ولست أبرح من هاهنا حتّى يسقط الثلج.» فانصرف المطوّعة وهم يقولون:

- «لو ترك الأفشين جعفرا وتركنا لأخذنا البذّ، ولكنّه يشتهى المماطلة.»

أفشين والرؤيا التي رءاها بعض المطوّعة

فبلغه ذلك وما أكثر فيه المطوّعة وتناولوه بألسنتهم حتّى قال بعضهم:


[١] . فيقول، يفي بما يقول: كذا فى الأصل، وهو التصحيح. فى مط: فيقول: ولا يفي بما يقول. فى آ: يقول، بقي بما يقول. والعبارة فى الطبري (١١: ١٢٠٨) : «ليس كلّ من خفّ رأسه يقول: إن الوقوف ... »

<<  <  ج: ص:  >  >>