بن العباس وقلّد الديوان [١] أبا قرّة الحسين بن محمد القنّائى.
[ودخلت سنة تسع وخمسين وثلاثمائة]
[ذكر السبب فى القبض عليه]
كان أبو الفضل الوزير استخدم أبا قرّة وهو رجل من دير قنّى حسن الذكاء قد نشأ بين كتّاب واسط وعمّالها وتخرّج معهم واختصّ بأحمد ابن علىّ القنّائى فتمهّر ولم يزل يتدرّج فى التصرف حتى تقلد واسط رئاسة من قبل السلطان فاقتنى أموالا جليلة وصارت له نعمة ضخمة وكان شديد الجرأة على السلطان يقدم على أمواله إقداما لا يقدم عليها غيره هذا مع اهتداء إلى وجوه الحيل عليه ومعرفة بوجوه الارتفاق والارفاق فإنّه كان يرفق الوزراء والعمال باليسير ويتوصل به إلى الارتفاق الكثير.
فاضطرّ أبو الفضل فى وزارته لبختيار عند الحاجة والإضافة إلى معاملته وكان يسعرها فى وقت البيدر فربما قام عليه الكرّ بثلاثة أكرار. هذا إلى أمثال ذلك فى معاملات الحنطة وغيرها وعظمت نعمته وتمكن من رعيّته بواسط فانبسطت يده عليهم [٣٣١] فتأوّل عليهم وقوى بأموالهم. وكان الواحد منهم إذا تظلّم منه لم ينصف وردّ إليه أمره فيبسط المكروه عليه فصارت رعيته تشكره على طريق الخوف منه.
ولما غاب أبو الفضل الوزير إلى الموصل أيّام معز الدولة مكّنه واستخلفه ببغداد ووصل بينه وبين شيرزاد كاتب الفارسية ليعزّه ويمنع منه مراغمة أبى الفرج محمد بن العباس. فكان أبو قرّة يهدى إلى شيرزاد ويلاطفه ويكثر وجوه المرافق والمبارّ له ليمنع من الاستيفاء عليه وتأكدت الحال بينهما حتى