وفيها مات أبو عمر القاضي فأغرى أبو بكر ابن قرابة بورثته إغراء شديدا وقال للمقتدر:
- «ينبغي لابنه أن يحمل مائة ألف دينار فانّه من ورائها وإلّا حضر من يتقلّد قضاء القضاة ويوفّر هذا المال من جهته.» فرسم المقتدر لهارون بن الخال أن ينفذ كاتبه وللوزير أن يضمّ إليه ثقته حتّى يصيرا مع ابن قرابة إلى أبى الحسين ابن أبى عمر ويخاطبه بحضرتهما.
فمضى أبو بكر ابن قرابة ومعه أبو جعفر ابن شيرزاد وأبو على أحمد بن نصر البازيار. فلمّا حصلوا عند أبى الحسين القاضي وجدوا عنده عالما من الناس معزّين له فعزّوه وجلسوا وأمسكوا [٣٦٩] كما يحسن أن يعمل فى المصائب.
فقال ابن قرابة:
- «ما لهذا حضرنا، قم يا أبا الحسين معنا حتّى نخلو.» فنهض واستوفى عليه ابن قرابة استيفاء شديدا فقال أبو الحسين:
- «إنّ نعمت ونعمة والدي من أمير المؤمنين المقتدر ولست أدّخر دونه شيئا.» وسأل أن يمهل يومه حتّى يحصّل أمره ويبكّر فيصدق عنه. وكان شهر رمضان فلمّا جنّة الليل قصد أبا بكر ابن قرابة وقت الإفطار فاستأذن عليه ودخل والمائدة بين يديه فدعاه إلى الإفطار فغسل يده وسمّى وأكل ومصيبته طرية وأنّها ليومه ولكنّه ليستكفى شرّه. فلمّا انقضى الإفطار قال له:
- «يا سيدي قد جئتك مستسلما إليك فدبّرنى بما تراه.» فقال له:
- «قم فامض بسلام وما بك حاجة إلى أن توصيني ولا تفكّر فى أمرك