للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وفيها نفى شيرزاد بن سرخاب كاتب الفارسية عن مدينة السلام ذكر السبب فى ذلك]

كان شيرزاد مستوليا على بختيار كما حكيناه وأسرف فى التجبر وحلف بختيار على أن لا ينفذ عزما ولا يقرّر أمرا إلّا بعد مشاورته ورضاه وتحقق بالجندية وادّعى الشجاعة وأعاره الناس من ذلك ما لم يكن عنده تقرّبا إليه وكثر تعلقه بالأموال والتلاجى [١] وشره إلى اكتساب الأرباح من غير وجوهها ولم ينقبض عن شيء همّ به ولم يمكن أحدا أن يعتصم منه. ومنع بختيار من عطاياه التي كان يبذلها للديلم والأتراك وقوّى عزيمته على الثبات والتماسك وخاض معه فى إيقاع حيلة على سبكتكين الحاجب وقيل إنّه واطأ بعض الديلم على الفتك به إذا حضر الدار ليتسع [٢] بأمواله ونعمته. وعزم على تقلد الجيش والتسمية [٣٢٧] بالاسفهسلار فبلغ ذلك سبكتكين وامتنع أن يلقى بختيار أو يدخل داره إلّا فى الأحايين البعيدة على تحرّز واستظهار.

وثقل أمر شيرزاد على الجند لأنّ بختيار كان عوّدهم ألّا يردّهم عن شيء يلتمسونه من واجب ومحال وقليل وكثير، فمنعه شيرزاد من ذلك وناصبه الكتّاب أيضا العداوة للخوف من شرّه وانقباض أيديهم عمّن يلتجئ إليه وكثر الدعاء عليه من أفناء [٣] الناس.

واجتمع الأتراك على عداوته وصاروا ينسبون كلّ حال يكرهونها وينكرونها إليه. وأخذ الوزير أبو الفضل يتحرّز منه لما فسد بينه وبينه


[١] . التلجئة هي أن يلجّئ الضعيف ضيعته إلى قوىّ ليحامى عليها. قاله صاحب مفاتيح العلوم.
[٢] . من هنا إلى «بالاسفهسلّار» ساقط من مط.
[٣] . فى مط: أصناف الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>