للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكاء النساء على القتلى وما قاله علىّ لابن شرحبيل

ثم مضى غير بعيد، فمرّ بالشباميّين [١] ، فسمع رجّة شديدة وبكاءا كثيرا، فوقف، فخرج إليه حرب بن شرحبيل الشبامي، فقال له علىّ:

- «أيغلبكم [٢] نساؤكم؟ ألا تنهنهونهنّ عن هذا الرنين؟» فقال: «يا أمير المؤمنين، لو كانت دارا أو دارين، قدرنا على ذلك، ولكنّه قتل من هذا الحىّ مائة وثمانون قتيلا، ليس دار إلّا فيها بكاء. فأما نحن معاشر الرجال، فإنّا لا نبكي، ولكننا نفرح، أمّا نفرح بالشهادة.» فقال: «رحم الله قتلاكم وموتاكم» .

فأقبل يمشى معه وعلىّ راكب. فوقف وقال له:

- «إرجع، فإنّ مشى مثلك معى فتنة للوالي، ومذلّة للمؤمن.»

مروره بالناعطيّين، وما قاله فيهم

ثم مضى، حتى مرّ بالناعطيّين، فسمع رجلا منهم يقال له: عبد الرحمان بن مزيد، يقول لآخر:

- «والله ما صنع علىّ شيئا: ذهب، ثم انصرف في غير شيء.» فلما نظروا إلى علىّ أبلسوا [٣] ، فقال: «وجوه ما رأوا الشام.» ثم أقبل على أصحابه، فقال:

- «قوم فارقناهم آنفا، خير من هؤلاء.»


[١] . في مط: الشامتين، بدل: الشباميّين.
[٢] . أيغلبكم نساؤكم: كذا في الأصل والطبري (٦: ٣٣٤٨) ، وفي مط: أتغلبكم نساؤكم.
[٣] . أبلس: سكت الحيرة، أو انقطاع حجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>