فحكى عن سالم قال: صحبت أبا جعفر من الرىّ إلى خراسان، وكنت حاجبه، فكان أبو مسلم يأتيه فينزل على الباب ويجلس فى الدهليز ويقول لى:
- «استأذن لى عليه.» فغضب أبو جعفر علىّ وقال:
- «ويلك إذا رأيته، فافتح له الباب وقل له يدخل على دابّته.» فلمّا رأيته [٣٤٨] مقبلا قلت لأبى مسلم: إنّه قال كذا وكذا، وفتحت له الباب. قال:
- «نعم وإن قال، أعلمه واستأذن لى عليه.» وفى هذه السنة وجّه أبو العبّاس أخاه أبا جعفر لحرب يزيد بن عمر بن هبيرة بواسط.
[ذكر آراء أشير بها على ابن هبيرة فخالفها]
لمّا انهزم ابن هبيرة وتفرّق عنه الناس، خلّف على أثقاله قوما، فذهبوا بتلك الأموال. فقال له حوثرة:
- «أين تذهب وقد قتل صاحبهم- يعنى قحطبة- امض إلى الكوفة فمعك جند كثير، فقاتلهم حتّى تقتل أو تظفر.» فقال: «بل آتى واسطا فأنظر وأستعدّ.» فقال له: «إنّك ما تزيد على أن تمكّنه من نفسك حتّى تضعف وتقتل.» وقال له يحيى بن حسن:
- «إنّك لا تأتى مروان بشيء أحبّ إليه من هذه الجنود، فالزم الفرات حتّى تقدم عليه، وإيّاك وواسطا فتصير فى حصار، فليس بعد الحصار إلّا القتل.» فأبى، لأنّه كان يخاف مروان وذاك أنّه كان يكتب إليه فى الأمر فخالفه،