ووجدنا ثلاثة أسفاط: سفطا فيه مقدار مكّوك زمرّدا لم أر للمتوكّل ولا لغيره مثله، وسفطا دونه فيه نصف ملوك حبّا كبارا ما ظننت والله أنّ مثله يكون، وسفطا دونه فيه مقدار كيلجة ياقوتا أحمر لم أر مثله ولا ظننت أنّ مثله يوجد فى الدنيا. فقوّمت الجميع على البيع ألفى ألف دينار، فحملناه كلّه إلى صالح. فلمّا رآه جعل لا يصدّق ولا يوقن حتّى أحصى بحضرته ووقف عليه. فقال عند ذلك:
- «فعل الله بها وصنع، عرّضت ابنها للقتل فى خمسين ألف دينار وعندها مثل هذا فى خزانة واحدة من خزائنها» . [٤٤٠] ولم تزل قبيحة مقيمة إلى أن حضر وقت الحجّ، فسيّرت إلى مكّة مع أصحاب المهتدى بالله. فحكى من سمعها فى طريقها وهي تقول أتدعو الله على صالح بن وصيف بصوت:
- «اللهم أخز صالح بن وصيف كما هتك سترى وقتل ولدي وبدّد شملي وأخذ مالي وغرّبنى عن بلدي وركب الفاحشة منى.» ولمّا انصرف الناس عن الموسم احتبست بمكّة.
[وفى هذه السنة قتل أحمد بن إسرائيل وأبو نوح. ذكر السبب فى قتلهما]
إنّ صالح بن وصيف لمّا استصفى أموالهما وأموال الحسن بن مخلد عذّبهم وقرّب كوانين الفحم المشعلة منهم فى شدّة الحرّ ومنعهم كلّ راحة، ولم يعارضه المهتدى، وكان عبد الله بن محمد بن يزداذ يقول لصالح:
- «اقتلهم فإنّهم إن أفلتوا لم تؤمن بوائقهم فى الأعقاب فضلا عمّا وترهم.» فحكى الحسن بن مخلد قال: كان داود بن أبى العبّاس الطوسي يحضرنا