للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خطبة منوشهر]

فمما حكى ونقل من تدابير منوشهر أنّه لما مضى من ملكه نحو ثلاثين سنة، تناولت الأتراك أطراف أعماله، فجمع قومه، ووبّخهم، ثم خطب عليهم، وهذه أوّل خطبة [١] عرفناها، ونقلت إلينا. قال:

«أيها الناس: إنّكم لم تلدوا الناس كلّهم. وإنّما الناس ناس ما حفظوا أنفسهم [٢] ، ودفعوا العدوّ عنهم. وقد نالت الترك منكم [٣] ، ومن


[ () ] وأمّا أبو ريحان البيروني فيروى الأسطورة بقوله: «زعموا أنّ أفراسياب لما تغلّب على ايرانشهر، وحاصر منوشجهر بطبرستان، طلب منه أمرا، فأنعم به عليه، على أن يردّ إليه من ايرانشهر رمية نشّابة في مثلها. فحضر ملك من الملائكة اسمه إسفندارمذ، وأمر أن يتخذ قوسا ونشابة، على مقدار مثّله لصانعها على ما بيّن في كتاب الأبستا [الأفستا، الابستاق، بالفهلوية Apistak:بن،Avistak بالفارسية الحديثة: أوستا (بالواو الفارسية) ] ، وأحضر أرش، وكان شريفا ديّنا حكيما، وأمر بأخذ القوس ورمى النشّابة. فقام، وتعرّى وقال: أيها الملك، وأيها الناس! أبصروا بدني، فإنّى بريء من كل جراحة وعلة، وإنّى موقن بأنّى إذا رميت بهذه القوس والسهم، تقطّعت قطعا وتلفت نفسي وقد جعلتها فداء لكم. ثم تجرّد، ومدّ القوس بما أعطاه الله من القوة، فرمى بها، وتقطّع قطعا، وأمر الله الريح حتى اختطفت النشابة من جبل الرويان، وبلغ بها إلى أقصى خراسان بين فرغانة وطبرستان، فأصابت أصل شجرة من شجرة الجوز كبيرة، لم يكن لها في الدنيا شبه من الأشجار كبرا. ويقال: إنّ من موضع الرمية إلى موقع النشّابة ألف فرسخ. فاصطلحا على تلك الرمية، وكانت في هذا اليوم: التيركان. فاتخذه الناس عيدا ... » (البيروني: ٢٢٠) .
إنّ منطلق السهم كما جاء في الأفستا والمصادر الإسلامية هو أحد هذه الأمكنة: خشوث، قمّة دماوند، آمل، سارى، جرجان، رويان، طبرستان. وموقعه: خفنفنت، ساحل جيحون، مرو، نهر بلخ (جيحون آمودريا) .
[١] . هذه الخطبة تجدها كاملة عند الطبري أيضا (١: ٤٣٧) ، كما تجد ملخّصها بنسبة أقل من النصف عند ابن الأثير (١: ١٦٦) . وقد قارنّا في تحقيق نصها بين الأصل ومط والطبري.
[٢] . أول الخطبة في مط: أيها الناس بئس ما حفظوا أنفسهم. وفي الطبري: ... ما عقلوا من أنفسهم.
[٣] . منكم: غير موجودة في الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>