ثم يسأل عن الطعام عند فراغه من ذلك فإذا حضر الوقت الذي رسمه بالأكل فيه استدعاه فأصاب منه وطبيب النوبة قائم على رأسه وهو يسئله عن شيء شيء من منافع الأغذية ومضارّها ثم يغسل يده وينام، فإذا انتبه جدد الوضوء وصلى الصلاة الوسطى وخرج الى مجلس الشرب فجلس وحضر الندماء والملهون.
ووافى أبو القاسم عبد العزيز فقعد [٦٤] بحضرته على رسمه وعرض عليه ما كتبه الكتّاب أو كتبه هو بنفسه من أجوبة الكتب الواردة، فربّما زاد فيها أو نقص منها ثم تصلح وتختم وتجعل فى اسكدارها وتحمل الى ديوان البريد فتصدر فى وقتها.
ومتى غاب أبو القاسم ابن عبد العزيز لأمر يقطعه أو تأخّر فى داره واحتيج الى كتاب يكتب، يستدعى كاتب النوبة فأجلس بين يديه وتقدم بما يريده اليه أو أملاه عليه وهو مع ذلك يشرب ويسمع الغناء ويسأل عمّا يمضى من أشعاره وما يجب معرفته من اخباره ولا يزال على ذلك الى أن يمضى صدر الليل ثم يأوى الى فراشه.
وإذا كان يوم موكب برز للأولياء ولقيهم ببشر وتأنيس تعلوهما هيبة ووقار وأجاب كل ذى حاجة بما يجب فى السياسة من بذل ومنع، وتفرق الناس عند انتصاف النهار وأقام أصحاب الدواوين وكتّابهم الى حين غروب الشمس. فأمّا عموم الأيام فإنّ الأمر يجرى على ما تقدّم ذكره.
[عضد الدولة والجارية]
فيقال: إنّه مال فى بعض الأيام الى جارية ميلا دعاه إلى أن خلا معها خلوة أطالها وانقطع بها عن مراعاة ما كان يراعيه من الأعمال، فلمّا حاول النظر فى ذلك من غد وجده قد [٦٥] تضاعف فشقّ عليه تلافى ما مضى.