ولمّا خلع على حامد خلع الوزارة صار إلى دار الوزارة بالمخرّم، فنزلها وجلس فيها للتهنئة ولم يقرّر شيئا من الدواوين فتركها مختومة ذلك اليوم، وتحقّق به أبو علىّ بن مقلة واختصّ به واستحضر حامد أبا عبد الله زنجىّ الكاتب فألزمه داره وردّ إليه مكاتبة العمّال عنه على رسمه مع ابن الفرات.
وتحقّق بجميع الأمور ابن الحوارى [١٣٠] وصار هو السفير بين حامد وبين المقتدر بالله، وكتب عن المقتدر إلى جميع أصحاب الأطراف وعمّال المعاون بخبر تقليده حامدا الوزارة، أنشأ ذلك أبو الحسن محمّد بن جعفر بن ثوابة.
ثمّ قرّر حامد وعلىّ بن عيسى أمر الدواوين على اتفاق منهما جميعا ثمّ ابتدأ بعد ذلك يغيّر ما رأى تغييره.
وكان علىّ بن عيسى فى أوّل أيّام وزارة حامد بن العبّاس يحضر دار حامد فى كلّ يوم دفعتين [١] مدّة شهرين، ثمّ صار يحضر فى كلّ أسبوع دفعة واحدة ثمّ سقطت منزلة حامد عند المقتدر بالله أوّل سنة سبع وثلاثمائة وتبيّن هو وخواصّه أنّه لا فائدة فى الاعتماد عليه فى شيء من الأمور، فتفرّد حينئذ أبو الحسن علىّ بن عيسى بتدبير سائر أمور المملكة، وأبطل حامدا فصار لا يأمر فى شيء بتّة حتّى قيل فيه:
هذا وزير بلا سواد ... وذا سواد بلا وزير
فلمّا رأى حامد بن العبّاس نفسه لا يأمر ولا ينهى ولا يزيد على لبس السواد والركوب فى أيّام المواكب إلى دار السلطان، فإذا حضر لم يدخله المقتدر فى شيء من التدبير، وكان الخطاب كلّه مع علىّ بن عيسى، شرع