للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجد عندهم رأيا ولا عقولا، ولا أحلاما، ووجدتهم أصحاب بغى وحسد وكلب وحرص وشحّ وسوء تدبير وجهالة ولؤم عهد وقلّة مكافأة. وهذه أمور لا تصلح عليها ولاية، ولا تتمّ بها نعمة.» [١]

وقرأت مع هذه السيرة في آخر هذا الكتاب، الذي كتبه أنوشروان في سيرة نفسه، أنّ أنوشروان لمّا فرغ من أمور المملكة وهذّبها، جمع إليه الأساورة مع القوّاد والعظماء والمرازبة والنسّاك والموابذة وأماثل الناس معهم، فخطبهم فقال:

[خطبة أنوشروان]

«أيّها الناس! أحضرونى فهمكم، وأرعونى [٢] أسماعكم، وناصحونى أنفسكم، [٢٠٨] فانّى لم أزل واضعا سيفي على عنقي- منذ وليت عليكم- غرضا للسيوف والأسنّة، كل ذلك للمدافعة عنكم والإبقاء عليكم، وإصلاح بلادكم مرة بأقصى المشرق، وتارة في آخر المغرب، وأخرى في ناحية الجنوب، ومثلها في جانب الشمال.

ونقلت الذين اتهمتهم إلى غير بلادهم، ووضعت الوضائع في بلدان الترك، وأقمت بيوت النيران بقسطنطينية، ولم أزل أصعد جبلا شامخا وأنزل عنه، وأطأ حزونه [٣] بعد سهولة، وأصبر على


[١] . قال ابن الأثير، بعد ذكر كلمات من أنوشروان في الحكمة وإصلاح أمر الخراج: فانظر إلى هذا الكلام الذي يدلّ على زيادة العلم وتوفر العقل والقدرة على منع النفس، ومن كان هذا حاله استحق أن يضرب به المثل في العدل إلى أن تقوم الساعة (١: ٤٧٥) .
[٢] . أرعونى: أرعى فلانا سمعه: أصغى إليه واستمع لكلامه.
[٣] . الحزون: جمع الحزن: ما غلظ من الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>