ما داموا على ما وصف، فسالمهم وارض منهم بالمساكنة، ولا تهجهم ما لم يهيجوك.» [٤٥٣] وأقام يزدجرد وآل كسرى بفرغانة معهم عهد بخاقان. ثم جرى ما جرى من قبل عمر، رضى الله عنه.
ذكر كتّاب عمر وجمل من سياسته
كان يكتب لعمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الأرقم، وعبد الله بن خلف الخزاعي أبو طلحة الطلحات على ديوان البصرة، وأبو حبيرة بن الضحّاك الأنصارى على ديوان الكوفة. فأمّا زيد بن ثابت فإنّه كان كاتب النبىّ- صلى الله عليه- فكان يخلو به عمر. فقال له يوما:
- «إنّى استصحبتك لكتب أسرارى الذي رأيت رسول الله- صلى الله عليه- يفعله بك. فأخبرنى عن كتبه كيف كانت إلى الملوك وغيرهم.» فقال زيد: «اعفني يا أمير المؤمنين.» فقال له: «ممّ ذاك؟» قال زيد: «إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لى: يا زيد! إنّى انتخبتك، فاحفظ أسرارى، واكتم ما استحفظتك. فضمنت له ذلك.» فأمسك عمر عن معاودته، لكن كان يملى عليه ويستعين برأيه. وكان زيد ذا رأى [٤٥٤] ونفاذ.
وكان عمر يقول لكتّابه ويكتب إلى عمّاله:
- «إنّ القوة على العمل أن لا تؤخروا عمل اليوم لغد، فإنّكم إذا فعلتم ذلك تداكّت الأعمال عليكم، فلا تدرون بأيّها تبدأون، وأيّها تؤخّرون.»