فحبسهما فى المطبق، فبقوا أيّام حياة المنصور إلى أن من المهدىّ عليهما وأطلقهما.
ثمّ لم تزل منزلته ترتفع عند المهدىّ حتّى استوزره وتجاوز مرتبة الوزارة، حتّى فوّض إليه أمر الخلافة، فأرسل إلى الزيديّة، فأتى بهم من كلّ أوب وولّاهم من أمور الخلافة فى الشرق والغرب كلّ عمل جليل نفيس والدنيا كلّها فى يده، فكثر حسّاده وسعى عليه الموالي حتّى قيل للمهدىّ:
- «إنّ الشرق والغرب فى يد يعقوب وأصحابه، وقد كاتبهم وإنّما يكفيه أن يكتب إليهم فيثوروا فى يوم واحد على ميعاد فيأخذوا الدنيا كلّها لمن شاء.» فكان ذلك ملأ قلب المهدىّ.
وكان يعقوب بن داود قد عرف من المهدىّ [٥٠٤] خلقا واستهتارا بذكر النساء والجماع. وكان يعقوب يصف له من نفسه شيئا كثيرا، وكذلك كان المهدىّ، فيقول خدم المهدىّ:
- «هو على أن يصبح فيثور بيعقوب.» فإذا أصبح غدا عليه يعقوب وقد بلغه الخبر، فإذا نظر إليه تبسّم فيقول:
- «اقعد بحياتى فحدّثنى.» فيقول:
- «خلوت بجاريتي فلانة، فكان فكان، وقالت وقلت.» فيضع لذلك حديثا، فيحدّث المهدىّ بمثل ذلك ويفترقان على الرضا، فيبلغ ذلك من يسعى على يعقوب فيتعجّب منه.
ذكر السبب فى تمكّن السعاة على يعقوب مع حظوته
خرج ليلة يعقوب من عند المهدىّ وقد ذهب من الليل أكثره، وعليه