وفى هذا الوقت قبض على الطائع لله وقد جلس لبهاء الدولة.
[ذكر السبب فى القبض على الطائع لله رضوان الله عليه]
كان أبو الحسن المعلم- وبئس القرين هو- قد كثّر عند بهاء الدولة مال الطائع لله وذخائره وأطمعه فيها وهوّن عليه أمرا عظيما وجرّأه على خطّة شنعاء، فقبل منه وقبض عليه. ثم لم يحظ من ذلك إلّا بسوء الذكر إلى آخر الدهر. ولولا أنّ حسنات أيام القادر بالله رضوان الله عليه، أسبلت [٢٩٥] على مساوئ هذا الفعل سترا، لما وجد عند الله تعالى ولا عند المخلوقين عذرا.
لكن محاسن ذلك الإمام التقىّ الرضىّ أعادت وجه الدين مشرقا وعود الإسلام مورقا.
فأمّا شرح ما جرت عليه الحال يوم القبض فلم نذكره إذ لا سياسة فيه فتحكى، ولا فضيلة فتروي. إلّا أبياتا للرضىّ أبى الحسن الموسوي رحمه الله. فإنّه كان فى جملة من حضر. فلمّا أحسّ بالفتنة أخذ بالحزم وبادر الخروج من الدار، وتلوّم من تلوّم من الأماثل، فامتهنوا وسلبت ثيابهم وسلم هو فقال:
أعجب لمسكة نفسي بعد ما رميت ... من النوائب بالأبكار والعون
ومن نجاتي يوم الدار حين هوى ... غيرى ولم أخل من حزم ينجّينى
مرقت منها مروق النجم منكدرا ... وقد تلاقت مصاريع الرّدى دوني
وكنت أول طلّاع ثنّيتها ... ومن ورائي شرّ غير مأمون
من بعد ما كان ربّ الملك مبتسما ... إلىّ أدنيه فى النّجوى ويدنيني
أمسيت أرحم من أصبحت أغبطه ... لقد تقارب بين العزّ والهون
ومنظر كان بالسّرّاء يضحكني ... يا قرب ما عاد بالضّرّاء يبكيني