للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقعد عنه المعروف بأنجوتكين وهو من نجباء الأتراك المعروفين بالشدة والثبات فى المعارك وله قوة على حمل لتّ له ثقيل يعجز عنه غيره وإذا حمل به لم يثبت له أحد وقعد معه جماعة من الأتراك وقصدوا حضرة عضد الدولة مستأمنين إليه. ثم تتابع الناس الذين كانوا مع أبى تغلب من الغلمان والجند والكتاب والولاة والأتباع. وسلك حينئذ أهل آمد بعد انصراف أبى تغلب عنها سبيل أهل ميافارقين ففتحوها سلما وطوعا.

واشتمل أبو الوفاء على ديار بكر بأسرها وعاد إلى الموصل ومعه الأسارى بعد أن رتّب فى الحصون من يحفظها من ثقات عضد الدولة ورتّب فى البلدان عمال الخراج والمعاون.

[ذكر ما عمله أبو تغلب بعد مسيره من آمد]

لما انصرف من آمد وقصد الرحبة أنفذ من طريقه أبا عبد الله الحسين ابن ناصر الدولة وسلامة البرقعيدى وهو من كبار الحمدانية إلى عضد الدولة برسالة تتضمن الاستعطاف ويسأله الصلح والاصطناع ووصل إلى الرحبة [٤٩٤] وأقام بها على انتظار الجواب.

فورد أبو عبد الله وسلامة البرقعيدى الموصل وأدّى أبو عبد الله ما تحمله فتلقاه عضد الدولة بالجميل وقبل منه تنصّله وبذل له إقطاعا وفضلا على أن يطأ بساطه ويدخل فى ذمامه. وتبيّن أبو عبد الله حزم عضد الدولة وذاك أنّه مع إحسانه إليه وتوسعته عليه منع [الناس] [١] من الوصول إليه فلم يشاهد بعينه إلّا الموكلين به فقط وعرف من أخيه أنّه لا يستجيب لما دعاه إليه عضد الدولة فأخذ بالحزم لنفسه وتعلق بعصمة باطنة اختص بها واعتقد أن


[١] . ما بين المعقوفتين هو من مط. فى الأصل: منع أحدا. وهو المثبت فى مد أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>