«بسم الله الرحمن الرحيم، كتابي هذا وقت العتمة ليلة الجمعة وقد نصر الله وله الحمد على الأعراب والأكراد وأظفرنا بعالم منهم وبعيالاتهم، ولقد رأيتنا نسوق البقر والغنم كما كنا نسوقها عام أوّل، ولم تزل السيوف والأسنة تأخذهم حتّى حال بيننا وبينهم الليل، ومن غد يومنا يقع الاستقصاء وكان وقاعنا بهم وقتلنا لهم خمسين ميلا. فلم يبق منهم مخبر [٥٦٨] والحمد لله كثيرا وصلّى الله على محمد وآله وسلّم.» وكانت الأعراب والأكراد لمّا بلغهم خروج المعتضد تحالفوا أنّهم يقتلون على دم واحد، واجتمعوا وعبّأوا عسكرهم ثلاثة كراديس فكان من أمرهم ما ذكرت.
قصد المعتضد قلعة ماردين ثمّ الحسينيّة
ثمّ قصد المعتضد قلعة ماردين وكانت فى يد حمدان بن حمدون. فلمّا بلغه خروج المعتضد إليها هرب وخلّف ابنه فيها، فنزل عسكر المعتضد على القلعة ذلك اليوم. فلمّا كان من الغد ركب المعتضد وصعد حتّى وصل إلى باب القلعة ثمّ صاح:
- «يا بن حمدان.» فأجابه فقال:
- «افتح الباب.» ففتحه ولم يجر بينهما غير ذلك فقعد المعتضد فى الباب ولم يدخل، وأمر من دخل فنقل ما فى القلعة من المال والأثاث. ثمّ أمر بهدمها فهدمت، ويشبه أن يكون راسله قبل ذلك.
ثمّ وجّه خلف حمدان بن حمدون فطلب أشدّ الطلب وأخذت أمواله