ثمّ قطع لسانه وبقي مدّة طويلة فى الحبس. ثمّ لحقه [٥٨٤] ذرب ولم يكن له من يعالجه ولا من يخدمه حتّى بلغني أنّه كان يستسقى الماء لنفسه من البئر بيده اليسرى وفمه. ولحقه شقاء شديد إلى أن مات ودفن فى دار السلطان ثمّ سأل بعد مدّة أهله فنبش وسلّم إليهم.
وفى هذه السنة دخل بجكم العراق أعنى بغداد ولقى الخليفة وقلّده أمرة الأمراء مكان محمّد ابن رائق ذكر الخبر عن ذلك
ابتدأ بجكم بالمسير من واسط إلى الحضرة مراغما لابن رائق فأزال اسمه ومحى أعلامه وتراسه وترك الانتساب إليه وذاك أنّه كان يكتب عليها:
- «بجكم الرائقى.» وأخذ ابن رائق يستعدّ للقائه وقتاله وعمل على أن يتحصّن فى دار السلطان. ثمّ رأى أن يبرز إلى ديالى وفتح من النهروان إليه بثقا ليكثر ماؤه فلا يخيض [١] وقطع الجسر عليه ليصير خندقا.
وطالب ابن رائق الراضي أن يكتب إلى بجكم كتابا يأمره فيه بالرجوع إلى واسط. فكتب وسلّم إلى ابن رائق فأنفذه مع ابن سرخاب إليه أحد خلفاء الحجّاب. فقرأه ولم يلتفت إليه. وسار إلى بغداد ووافى بجكم وجيشه إلى نهر ديالى وعبر بعض أصحابه سباحة. فانهزم ابن رائق وصار إلى عكبرا وتقطع أصحابه واستتر أبو عبد الله أحمد بن علىّ الكوفي وأبو بكر بن مقاتل [٥٨٥] ودخل بجكم يوم الإثنين لاثنى عشرة ليلة خلت من ذى القعدة.
ووصل إلى الراضي بالله فأكرمه ورفع منه وخلع عليه وسار بالخلع إلى
[١] . فلا يخيض: كذا فى الأصل ومد. وفى مط: فلا يخلص.