وحاز أصحاب الموفّق جميع ما كان فى نهر أبى الخصيب من الشذاءات والمراكب البحرية والسفن الصغار والحرّاقات والزلّالات وغيرها. [١] وصار بعد ذلك رؤساء أصحاب الخبيث إذا وكّلهم بحراسة موضع أسلموه واستأمنوا حتّى استأمن الشعراني وشبل وكانا من قدماء أصحابه وذوى البصائر فى طاعته، وأمرهما الموفّق لمحاربة الخبيث لما علم أنّه لا وجه لهما عنده وضمّ إليهما قوما فكانا يأتيانه من الوجوه التي يأمنها حتّى كثر القتل فى أصحابه وذعره أمرهما ومنع ذلك أصحابه النوم ودخلهم له وحشة [٥٤٤] .
[هزيمة الزنج وهروب صاحبهم]
عظيمة ثمّ جمع الموفّق السفن وفيها عشرة آلاف من الملّاحين وعرض الجند وحرّضهم حتّى شحذ نيّاتهم وهجم على مدينة الخبيث واستقبله الخبيث فى جميع أصحابه فاشتدّ القتال وحامى الخبثاء عن ديارهم وعيالاتهم فمنح الله الموفّق النصر، وهزم الزنج وقتلوهم مقتلة عظيمة لم يقتلوا مثلها وأسروا منهم جمعا كبيرا وأتى الموفّق بالأسرى فضرب أعناقهم.
وقصد دار الخبيث فدافع عنها ثمّ لم يغنه ذلك شيئا فأسلمها فانتهب ما كان فيها من الأموال والأثاث وأخذوا حرمه وأولاده فبلغ عدّتهم أكثر من مائة امرأة وصبي، وتخلّص الخبيث ومضى هاربا نحو دار المهلّبى لا يلوى على أهل ولا مال وأحرقت داره، وأتى الموفّق بنسائه وأولاده، فوكّل بهم وأمر بالإحسان إليهم فحملوا إلى الموفّقيّة.
وفى ذى الحجّة من هذه السنة وافى صاعد بن مخلد كاتب الموفّق