للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال:

- «يا أمير المؤمنين، الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، وإنّ جلّ وأهل مكّة قد كانوا مالوا إليه، وأعطوه الرضا، ودعا بعضهم بعضا إليه سرّا وجهرا، ولم يكن معى جند أتقوّى بهم عليه لو ناهضته، وقد كان يحذر منّى ويتحرّز، [١١٨] وكنت أنا أرفق به وأداريه لئلّا يستوحش، فإذا استمكنت منه وثبت عليه، مع [١] أنى ضيّقت عليه، ومنعته من أشياء لو تمكّن منها كانت معونة له، وجعلت على مكّة وطرقها وشعابها رجالا لا يدعون أحدا يدخلها حتّى يكتبوا لى اسمه، واسم أبيه، وما جاء فيه، وما الذي يريد. فمن كان من أصحابه أو ممّن اتّهمه، رددته صاغرا، وقد بعثت الوليد، وسيأتيك من أثره وعمله ما تعرف به مبالغتى فى أمرك، ومناصحتى لك.» فعذره يزيد، وتلقاه بجميل [٢] ، ولبث الوليد مدّة بمكّة، ثمّ عزله يزيد، وولّى عثمان بن محمد بن أبى سفيان. فكان حدثا، فلم يضبط الأمر، ولا كان له رأى.

[ذكر الحال فى المدينة]

وظهر فى المدينة أنّ يزيد بن معاوية يشرب الخمر حتّى يترك الصلاة، وصحّ عندهم ذلك، وصحّ غيره ممّا يشبهه، فجعلوا يجتمعون لذلك [٣] حتّى خلعوه، وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل، ووثبوا على عثمان بن محمد بن أبى سفيان ومن معه من بنى أميّة ومن يرى رأيهم، فنفوهم وكانوا ألف رجل. فخرجوا حتّى نزلوا دار مروان بن الحكم، فحاصرهم الناس حصارا ضعيفا، فتولّى تدبيرهم مروان، لأنّ عثمان بن محمد كان غرّا لا يرجع [١١٩] إلى رأيه.

وكتب مروان إلى يزيد كتابا من جماعة بما جرى عليهم ويطلبون الغوث منه.

قال الرسول: فلما وردت على يزيد، قال:


[١] . فى مط: ومع (بالواو) .
[٢] . فى مط: بجهل، بدل: بجميل.
[٣] . فى مط: كذلك، بدل: لذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>