للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقي من جنده، واحتوى لليانوس على مدينة طيسبون محلّة سابور، وظفر ببيوت أمواله وخزائنه فيها. ثم اجتمع إلى سابور من آفاق بلاده جنوده، وحارب لليانوس، واستنقذ منه طيسبون، واختلفت الرّسل بينه وبين لليانوس.

سوء تحفّظ لليانوس

فكان من سوء تحفّظ لليانوس في تلك الحال واسترساله: [١٣٩] أن كان يوما جالسا في حجرة من فسطاطه، والرسل تختلف بينه وبين سابور، فجاءه سهم غرب فأصاب مقتله من فؤاده، فسقط ومات، وأسقط [١] في روع جنده وهالهم ما نزل به، ويئسوا من التقصّى في بلاد فارس، فصاروا نشرا لا ملك عليهم. فطلبوا إلى يوسانوس أن يتولّى الملك لهم ليملّكوه عليهم. فأبى ذلك، وألحّوا عليه، فأعلمهم أنّه على ملّة النصرانية، وأنّه لا يلي قوما هم له مخالفون في دينه.

فأخبرتهم الروم أنّهم على ملّته، وأنّهم كتموها مخافة لليانوس. فأجابهم حينئذ، فلمّا ملّكوه [٢] أظهروا النصرانية.

ثم إنّ سابور لما علم بهلاك لليانوس، أرسل إلى قوّاد جنوده الروم يقول:

- «إنّ الله قد أمكننا منكم، وأدالنا عليكم، ونرجو أن تهلكوا ببلادنا جوعا من غير أن نهزّ لقتالكم سيفا، أو نشرع له رمحا، فسرّحوا إلينا رئيسا إن كنتم رأستموه عليكم.» فعزم يوسانوس على إتيان سابور لما كان بينه وبينه، لما أنذره ومن عليه. فلم يتابعه أحد [١٤٠] من قوّاد جنده. فاستبدّ برأيه، وجاء إلى سابور في ثمانين رجلا من أشراف من كان في عسكره وجنده، وعليه تاجه. فبلغ سابور مجيئه إليه، فتلقّاه، وتساجدا، فعانقه سابور شكرا لما كان منه في أمره، وطعم عنده


[١] . أسقط في روعهم: فزعوا، خافوا.
[٢] . في الأصل ومط: ملّكوا بدون «هـ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>