للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصير فصكّت بعضها ببعض حتّى لم يكن للاشتيامين [١] والجذّافين فيها عمل، ورأى الزنج ذلك فأحاطوا بها من جانبي النهر فألقى الجذّافون أنفسهم فى الماء ذعرا ودخل الزنج الشذاءات فقتلوا المقاتلة وغرق بعضهم وحاربهم نصير فى شذاءته حتّى خالف الأسر فقذف نفسه فى الماء فغرق.

وأصاب الموفّق علّة فاشتغل بها عن الخبيث فأعاد القنطرة التي لجّج فيها نصير وأحكم ما كان هدم من قصره، وأفاق الموفّق من علّته فعاود الحرب وخرج الخبيث بنفسه للقتال مع ابنه انكلائى وعلى بن أبان وسليمان بن جامع واشتبكت الحرب وقاتلوا أشدّ قتال رئي، وقطعت القنطرة وأحرقت واستعلى عند ذلك أصحاب الموفّق ونشط غلمانه فوسّعوا المسلك وظفروا بدوره وقصوره فأحرقوها. وانتقل الخبيث من غربىّ نهر أبى الخصيب إلى شرقيّه وجمع عياله وولده حوله وضعف أمره ضعفا شديدا.

[تفاقم الجوع وأكل بعضهم بعضا]

وتهيّب الناس جلب الميرة إليهم. فبلغ الرطل من الخبز عشرة دراهم فأكلوا أصناف الحبوب ثمّ لم يزل يتفاقم الأمر بهم [٥٤٣] إلى أن أكلوا لحوم الناس فكان الزنج يتبعون الناس فإذ خلا أحدهم بامرأة أو صبي وثب عليه فأكله، ثمّ قوى ذلك فصار بعضهم يأكل بعضا، ثمّ أكلوا لحوم أولادهم، ثمّ كانوا ينبشون الموتى فيبيعون أكفانهم ويأكلون لحومهم.

فقصدهم الموفّق وأحرق الشرقىّ من جانب النهر كما أحرق الغربىّ وقصده من ثلاثة أوجه. فطرحوا فيها النيران فاحترق الناس من أصحاب الخبيث مع منازلهم وأسواقهم وهرب من أطاق ذلك فأخذته السيوف وهرب الخبيث


[١] . كذا فى الأصل والطبري (١٣: ٢٠٤٧) : للاشتيامين. فى مط: للاستيامين (بالسين المهملة) .

<<  <  ج: ص:  >  >>