وبين أبى الحسن ابن الفرات مناظرات هاتر فى بعضها ابن الفرات وشتمه بحضرة أمّ موسى، فردّ عليه ابن الفرات أقبح ردّ، وشتمه أغلظ شتيمة، ونسبه فى نفسه إلى كلّ حال قبيحة، فراسل ابن ثوابة المقتدر بأنّ ابن الفرات لم يقدم على هذا إلّا لشدة بطره وكثرة أمواله واستأذن فى معاقبته، فبسط يده عليه فقيّده وغلّه وألبسه جبّة صوف، وأقامه فى الشمس مدّة أربع ساعات فكاد يتلف. فأنهى بدر الحرمي فى حاله إلى المقتدر، فأنكرها وأمر بنقله إلى بعض الحجر التي فى يد زيدان [٨٥] القهرمانة للحرم الخواصّ، وأحسن إليه ورفّهه. وذلك بعد أن حلف له ابن الفرات بأغلظ يمين بأنّه لم يبق له مال ولا ذخيرة ولا متاع فاخر إلّا وقد أقرّ به وقت مناظرة إبن أبى البغل، فقبل المقتدر بالله قوله ومنع ابن ثوابة من مناظرته.
[ابن الفرات مشاورا]
ثمّ صار المقتدر بعد ذلك يشاور ابن الفرات فى الأمور ويقرأه رقاع الوزراء إليه ويجيبهم عنها برأيه ثمّ كثرت السعايات بأبى علىّ الخاقاني وتمكّن أبو القاسم ابن الحوارى.
[ذكر فساد تدبير الخاقاني لأمر الوزارة]
كان أبو علىّ الخاقاني متشاغلا بخدمة السلطان ومراعاة أعداءه، لا يقرأ الكتب الواردة عليه ولا النافذة، واعتمد على ابنه أبى القاسم عبد الله، وقلّده مع العرض على الخليفة خلافته على الأعمال والتنفيذ للأمور. وكان ابنه هذا متشاغلا بالشراب، إنّما يراعى أمر القوّاد والجيوش والولايات للعمّال ويدع ما سوى ذلك، وكان قد نصب لقراءة الكتب الواردة أبا نصر مالك بن الوليد،