نفلّق [١] هاما من رجال أعزّة علينا، وهم كانوا أعقّ وأظلما ثمّ جهّز النساء وعلىّ بن الحسين، وضمّ إليهم جيشا حتّى ردّهم إلى المدينة.
[ذكر حيل ابن الزبير]
كان ابن الزبير يظهر أنه عائذ بالبيت، ويبايع الناس سرّا. وبلغ ذلك يزيد بن معاوية، فأعطى الله عهدا: ليوثقنّ فى سلسلة. فبعث بسلسلة من فضّة وعمرو بن العاص [١١٦] يومئذ عامل مكّة، وكان شديدا عليه، ولكنّه كان كثير المداراة رفيقا. فلما ورد البريد بالسلسلة رفق حتّى ردّه ردّا جميلا. وخطب الناس، وعاب أهل الكوفة خاصّة، وأهل العراق عامّة بقتل الحسين، وبكى وقال:
- «لقد كان لأبى عبد الله- رضى الله عنه- فى ما جرى على أبيه وأخيه من هؤلاء القوم ناه، ولكنّه ما حمّ نازل.» ثمّ عظّم ما جرى عليه واستفظعه، وقال فى كلامه:
- «لقد قتلوه كثيرا صيامه بالنهار، طويلا صلاته بالليل، ما كان يبدل بالقرآن غناء، ولا بالصيام شرب الخمر، ولا بالمجالس فى حلق الذكر الركض فى طلب الصيد.» يعرّض بيزيد. فثار إليه أصحابه وقالوا له:
- «أيّها الرجل! أظهر بيعتك، فلم يبق بعد الحسين أولى بهذا الأمر منك.» فقال:
- «لا تعجلوا!» وعلا أمره بمكّة، وكاتبه أهل المدينة وقالوا:
- «أمّا إذ هلك الحسين فليس أحد ينازع ابن الزبير.»
[١] . كذا فى مط: نفلّق. وفى الطبري (٧: ٣٧٦) : يفلّقن.