للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفارس، وجعلت معه بها جندا أجرى عليهم أرزاقهم فى كلّ شهر، وأوفّيهم أعطياتهم فى كلّ سنة، وآمر لهم من المعاون كلّ سنة بمثل الأعطيات، قطع أرضه الخوارج إلىّ، وقد أزحت علّته، وقد أمددته بالرجال، وقوّيتهم، والله، لو قاتلهم ثمّ فرّ لكان أعذر له عندي، وإن كان الفارّ غير مقبول العذر، ولا كريم الفعل.»

[إقبال الخوارج وعليهم الزبير]

وأقبلت الخوارج وعليهم الزبير [٢٧٤] بن الماحوز حتّى نزلوا الأهواز. فأتتهم عيونهم أنّ عمر بن عبيد الله فى أثرهم، وأنّ مصعبا قد خرج من البصرة.

فقام الزبير خطيبا وقال بعد حمد الله:

- «أما بعد، فإنّ من سوء الرأى والحين وقوعكم بين هاتين الشوكتين، انهضوا بنا إلى عدوّنا، فلنلقهم من وجه واحد.» فسار بهم حتّى قطع بهم الأرض إلى جوخى، ثمّ أخذ على النهر وانات، ثمّ لزم شاطئ دجلة حتّى خرج على المدائن، فشنّ بها الغارات، وقتل الولدان والنساء والرجال، وبقربطون الحبالى. وانتهوا إلى ساباط، ففعلوا ذلك، وقتلوا نباتة [١] بنت أبى يزيد بن عاصم الأزدىّ، وكانت من أجمل نساء دهرها، وكانت قرأت القرآن، وهي أفصح امرأة، غشوها [٢] بالسيف، قالت:

- «ويحكم هل سمعتم بأنّ الرجال كانوا يقتلون النساء؟ ويحكم، هل سمعتم بقتل امرأة؟ ويحكم أتقتلون من لا يبسط إليكم يدا ولا يريد بكم ضرّا، ولا يملك لنفسه نفعا؟ أتقتلون من يُنَشَّؤُا في الْحِلْيَةِ وَهُوَ في الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ ٤٣: ١٨؟ [٣] » فقال رجل منهم:


[١] . نباتة: كذا فى الأصل ومط. وما فى الطبري (٨: ٧٥٦) : بنانة.
[٢] . غشوها: كذا فى مط والطبري. وما فى الأصل عشوها. غشيه بالسوط: ضربه.
[٣] . س ٤٣ الزخرف: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>