للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتوجّهت الرسل نحو الأفشين فلم يلحقه أحد منهم: لأنّه كان وغل فى بلاد الروم وتوافت آلات المعتصم وأثقاله مع صاحب الساقة. فكتب إلى أشناس يأمره بالتقدّم فتقدّم والمعتصم وراءه بينهما مرحلة ينزل هذا ويرحل هذا ولم يرد عليه خبر من الأفشين حتّى صاروا بأنقرة على ثلاث مراحل، وضاق عسكر المعتصم ضيقا شديدا من [٢٥٢] الماء والعلف.

[أشناس والشيخ]

وكان أشناس قد أسر عدّة أسرا فى طريقه فأمر بهم فضربت أعناقهم حتّى بقي منهم شيخ كبير فقال الشيخ:

- «ما تنتفع بقتلى وأنت فى عسكرك فى هذا الضيق من الماء والزاد والعلف وأنا أدلّك على قوم بالقرب، قد هربوا من أنقرة خوفا من أن ينزل بهم ملك العرب ومعهم من الميرة والطعام شيء كثير.» فوعده أشناس أن يطلقه إن فعل ذلك. فسار بهم الشيخ إلى وقت العتمة فأوردهم على واد وحشيش كثير، فأمر الناس دوابّهم حتّى شبعت وتعشّى الناس وشربوا حتّى رووا.

ثمّ سار بهم حتّى أخرجهم من الغيضة [١] بقية ليلتهم يدور بهم فى جبل ولا يخرجهم منه. فقال الأدلّاء:

- «هذا الرجل يدور بنا.» فسأله عمّا قال الأدلّاء. فقال الشيخ:

- «صدقوا ولكنّ القوم الذين نريدهم خارج الجبل، وأخاف أن أخرج من الجبل بالليل فيسمعوا صوت حوافر الخيل على الصخر فيهربوا، فإذا خرجنا


[١] . فى مط: الغبطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>