العلج علجا من تلك القرية، [٢٢٣] فأقبل يشكو إليه ما لقى من شمر، فسألوا العلج عن مكانه، فأخبرهم به، فإذا ليس بينهم إلّا ثلاثة فراسخ فساروا إليه.
قال: وكنّا قلنا لشمر تلك الليلة:
- «لو أنّك ارتحلت بنا من هذا المكان، فإنّا نتخوّف به.» فقال:
- «أكلّ هذا فرقا من الكذّاب، والله لا أتحوّل منه ثلاثة أيام، ملأ الله قلوبكم رعبا.» فو الله ما شعرنا إلّا وقد أشرفوا علينا من التلّ، فكبّروا، ثمّ أحاطوا بنا وخرجنا نشتدّ على أرجلنا وتركنا خيلنا، وأعجل شمر عن لبس سلاحه.
قال: فأمر على شمر وإنّه لمؤتزر ببرد يقاتلهم، وكان أبرص، فكأنّى أنظر إلى بياض ما بين كشحيه وهو يطاعن الأقوام، فما هو إلّا أن أمعنت ساعة إذ سمعت التكبير وقائلا يقول:
- «قتل الله الخبيث.»
[سراقة حلف أنه رأى الملائكة]
فأما سراقة بن مرادس البارقىّ، فإنّه حلف واجتهد فى اليمين أنه رأى الملائكة معهم تقاتل على خيول بلق، وقال لهم:
- «أنتم أسرتمونى؟ ما أسرنى إلّا قوم على دوابّ لهم بلق، عليهم ثياب بيض.» فقال المختار:
- «أولئك الملائكة، اصعد المنبر، فأعلم الناس ذلك.» فصعد واجتهد فى اليمين وأخبرهم بذلك. [٢٢٤] ثمّ نزل فخلا به المختار وقال:
- «إنى علمت أنك لم تر الملائكة، وإنما أردت ما قد عرفت: ألّا أقتلك، فاذهب عنّى حيث أحببت، لا تفسد علىّ أصحابى.»