- «أما بعد، فقد بلغني كتابك تذكر فيه اختلاف الخوارج بينها. فإذا أتاك كتابي فناهضهم على حال اختلافهم وافتراقهم، قبل أن يجتمعوا فتكون مؤونتهم عليك أشدّ. والسلام.» فكتب إليه:
- «أمّا بعد، فقد بلغني كتاب الأمير وكلّ ما فيه قد فهمت، ولست أرى أن أقاتلهم ما دام بعضهم يقتل بعضا، وينقص بعضهم عدد بعض، فإن تمّوا على ذلك فهو الذي نريد وفيه هلاكهم، وإن اجتمعوا لم يجتمعوا إلّا وقد رقّق بعضهم بعضا، فأناهضهم على بقيّة ذلك وهم أوهى ما كانوا شوكة إن شاء الله.» فكفّ عنه الحجّاج وتركهم المهلّب، فقاتلوه قتالا [٣٩٣] شديدا. ثمّ إنّه فلّهم وقتلهم، فلم ينج منهم إلّا قليل وسباهم، لأنّهم كانوا يسبون المسلمين.
[ذكر سبب هلاكهم]
كان سبب ذلك ما ذكرنا من تشتّتهم بالاختلاف. ولما وهي أمر قطرىّ توجّه مريدا طبرستان وبلغ أمره الحجّاج، فوجّه سفيان بن الأبرد مع جيش عظيم من أهل الشام، فأقبل سفيان حتّى أتى الرىّ، ثمّ اتبعهم. وكتب الحجّاج إلى إسحاق بن محمد بن الأشعث، وهو بطبرستان على جيش لأهل الكوفة أن:
- «اسمع وأطع لسفيان.» فأقبل إلى سفيان، وسار معه فى طلب قطرىّ حتّى لحقوه فى شعب من شعاب طبرستان. فقاتلوه، فتفرّق عنه أصحابه، ووقع عن دابّته فى أسفل الشعب، فتدهدأ حتّى خرّ إلى أسفله، وأتاه علج من أهل البلد، فقال له قطري: