مراسلات وملاطفات انتهت إلى تقرير الهدنة مدّة عشر سنين وصلحت الحال مع العرب.
وكان يواصل النظر فى قصر الحاكم نهاره أجمع، إلّا ساعة فى وقت الظهر، ثم يعود إلى منتصف الليل ويوفى السياسة حقّها وفهد بن ابراهيم بين يديه ينفّذ الأمور أحسن تنفيذ. فلم يزل على هذه الوتيرة إلى أن قتل.
[ذكر السبب فى قتل أرجوان وشرح الحال فى ذلك]
كان أرجوان يأخذ الحاكم بتهذيب الأخلاق وينصحه- والنصح مرّ المذاق- ويمنعه كثرة الركوب لفرط الإشفاق ويصدّه عن التبذير فى غير موضع الاستحقاق. فصارت له هذه الأحوال ذنوبا، ثم لأنّ لكل امرئ أجلا مكتوبا.
وكان مع الحاكم خادم يعرف بريدان [١] الصقلبى قد خصّ به. فأنس فى شكوى أرجوان إليه فزاده ريدان إغراء به وقال: إنّه يريد [٣٣١] أن يجعل نفسه فى موضع كافور الإخشيدي ويجريك مجرى ابن الإخشيد فى الحجر عليك.
ولم يزل بالحاكم حتى حمله على قتل أرجوان واستقرّ بينهما أن يستدعى أرجوان فى وقت الظهر بعد انصرافه إلى داره وأن يؤمر الناس بالركوب إلى الصيد ليتفرّقوا، فإذا حضر أمر بقتله. ففعل ذلك وقال الحاكم لريدان:
- «إذا حضر أرجوان وتبعني إلى البستان فاتّبعه. فإذا التفتّ إليك فاغتله بالسكّين.» فبينما هما فى الحديث إذ دخل أرجوان فقال:
[١] . وفى الأصل: زيدان. وهذا غلط. وليراجع ابن القلانسي ص ٥٥ (مد) .