للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى عين الوردة، فإنّ القوم يسيرون سير العساكر، وأنتم على خيول، والله، لقلّ ما رأيت جماعة خيل أكرم منها. تأهّبوا إليها من يومكم هذا، فإنّى أرجو أن تسبقوهم إليها، وإن بدرتموهم إلى عين الوردة، فلا تقاتلوهم فى فضاء [١] ترامونهم، وتطاعنونهم، فإنّهم أكثر منكم، فلا آمن أن يحيطوا [١٥٨] بكم، ولا تقفوا لهم ترامونهم، وتطاعنونهم، فإنّه ليس لكم مثل عددهم، وإن استهدفتم لهم لم يلبّثوكم أن يصرعوكم، ولا تصفّوا لهم حين يلقونكم. فإنّى لا أرى معكم رجالا، ولا أرى جميعكم إلّا فرسانا، والقوم لاقوكم بالرجال والفرسان، فالفرسان تحمى رجالها، والرجال تحمى فرسانها، وأنتم لا رجال لكم تحمى فرسانكم. فالقوهم فى المقانب والكتائب. ثمّ بثّوها فى ما بين ميمنتهم وميسرتهم، واجعلوا مع كلّ كتيبة كتيبة إلى جانبها، فإن حمل على إحدى الكتيبتين، ترجّلت الأخرى، فنفّست عنها الخيل والرجال، ومتى ما شاءت كتيبة ارتفعت، ومتى ما شاءت كتيبة سفلت، ولو كنتم فى صفّ واحد، فزحفت إليكم الرجال، فدفعتم عن الصفّ انتقض، فكانت الهزيمة.» ثمّ وقف، فودّعهم، فأثنى الناس عليه، ودعوا له، وقالوا له خيرا.

وقال له سليمان:

- «نعم المنزول به أنت، أكرمت النزل [٢] ، وأحسنت الضيافة، ونصحت فى المشورة.»

[موقعة عين الوردة]

ثمّ إنّ القوم جدّوا فى السير، فجعلوا كلّ مرحلتين مرحلة، حتّى انتهوا إلى عين الوردة، وسبقوا القوم إليها، ونزلوا فى [١٥٩] غربيّها، فأقاموا خمسا لا يبرحون،


[١] . فضاء: كذا فى الأصل. وما فى مط: قضاء. وهو خطأ.
[٢] . النزل: كذا فى الأصل. وفى الطبري ومط: النزول. والنزل: النازلون.

<<  <  ج: ص:  >  >>