للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر تمام هيبته فى المكيدة التي كان بدأ بها جيش فى تسكين أحداث دمشق [٣٢٨] حتى ظفر بهم]

لمّا عاد إلى دمشق استقبله أهلها مهنّئين داعين. فتلقّاهم بالبشاشة والبشر وزادهم من الكرامة والبرّ وخلع على وجوه الأحداث وحملهم على الخيل والبغال ووهب لهم الجواري والغلمان. وعسكر بظاهر البلد وسألوه الدخول والجواز فى الأسواق وقد كانوا زيّنوها إظهارا للسرور فلم يفعل وقال: هذه عساكر وإذا دخلت لم آمن أن تثقل وطأتهم.

والتمس منهم أن يخلوا قرية على باب دمشق [١] ليكون مقامه فيها، فأجابوه إلى ذلك وتوفّر على استعمال العدل وتخفيف الثقل، فاستخصّ رؤساء الأحداث واستحجب جماعة منهم. وكان يعمل لهم سماطا يحضرونه فى كل يوم للأكل عنده ويبالغ فى تأنيسهم.

فلمّا اطمأنّوا ومضت مدّة على ذلك أحضر قوّاده وتقدّم بأن يكونوا على أهبة لما يريد استخدامهم فيه وتوقّع ما يأمرهم به فى رقاع مختومة والعمل بما فيها.

ثم كتب رقاعا بقسمة البلد وعيّن لكل من قوّاده الموضع الذي يدخل منه ويفتك فيها وختمها وأعدّها. ثم رتّب فى حمام داره قوما من المغاربة وتقدّم إلى أحد خواصّه بأن يراعى حضور رؤساء الأحداث طعامه. فإذا أكلوا [٣٢٩] وقاموا إلى المجلس الذي جرت عادتهم بغسل أيديهم فيه، أغلق بابه عليهم وأمر المتكمنين فى الحمام بالخروج على أصحابهم والإيقاع بهم.


[١] . وعند ابن القلانسي ص ٥٢: يعرف ببيت لهيا (مد) .

<<  <  ج: ص:  >  >>